الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الإيمان له جزآن

فإن الإيمان له جزآن .

أحدهما : أن يعتقدوا أن الإله إله .

والآخر : أن الرسول رسول .

ولا يكون الاعتقاد بكون الإله إلها إلا بألا يشرك به شيئا .

ولا يتحقق الاعتقاد بكون الرسول رسولا إلا بألا يسلك إلا سبيله .

فالأمر الأول يقال له : التوحيد ، وخلافه يسمى : شركا .

فالأمر الثاني يقال له : اتباع السنة ، ويسمى خلافه : بدعة .

فعلى كل أحد أن يعض على التوحيد واتباع السنة بنواجذه ، ويجتنب الشرك والبدعة بمجامع قلبه .

فإن هذين الشيئين يوقعان الخلل في الإيمان ، وينقصان التصديق والإذعان بخلاف سائر المعاصي والآثام ؛ فإن الإخلال منها إنما هو في فروع الأعمال دون أصل الإيمان .

وما أحق من كمل في التوحيد واتباع السنة ، وفر من الشرك والبدعة ، وأثرت صحبته في ذلك أن يتخذ شيخا ، وأستاذا ، ومعلما كذلك.

وقد عم الشرك في الناس ، وعز التوحيد ، ولا يفهم كثير من الناس معنى الشرك والتوحيد ، وهم يدعون الإيمان ، ويقولون: نحن مؤمنون ، مع أنهم واقعون في شبكة الإشراك ، ومصيده .

فلا بد من أن يعلم معنى الشرك والتوحيد ، ويحقق معناهما على وجه التنقيح دون التقليد . [ ص: 288 ]

فاعلم -رحمك الله تعالى - أن كثيرا من الناس يدعون الأنبياء ، والأئمة ، والشهداء ، والملائكة ، والصلحاء ، والجنيات في الشدائد والمشكلات ، ويطلبون منهم إنجاح المرادات ، وإسعاف الحاجات ، وينذرون لهم ، ويوجبون نذورهم عليهم ، وينسبون أبناءهم وأولادهم إليهم ؛ ليدفعوا بهذا التدبير البلايا والرزايا عنهم.

فمنهم : من يسمي ولده : عبد النبي ، وعلي بخش ، وحسين بخش ، وحسن بخش ، وبير بخش ، ومدار بخش ، وسالار بخش ، وعبد فلان ، وغلام فلان ؛ كغلام محيي الدين ، وغلام معين الدين ، وغلام نقشبند .

ومعنى الغلام هنا عندهم : العبد .

ومنهم : من يتخذ فرعا على رأسه باسم عظيم من العظماء ، ويستعمل خيطا له ، ويلبس على اسمه ثوبا ، ويجعل نكل الحديد في رجله .

ومنهم : من يذبح على اسمهم حيوانا ؛ كالدجاج ، والبقر ، والشاة .

ومنهم : من يستغيث بهم عند الشدائد ، ويناديهم للإغاثة بقوله : واغوثاه ! ونحوه .

ومنهم : من يحلف في أثناء كلامه باسمهم .

إلى غير ذلك من الأفعال الشركية ، والأعمال الكفرية .

التالي السابق


الخدمات العلمية