الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (10) قوله: على الكافرين : فيه خمسة أوجه، أحدها: أن يتعلق بـ "عسير". الثاني: أن يتعلق بمحذوف على أنه نعت لـ "عسير". الثالث: أنه في موضع نصب على الحال من الضمير المستكن في "عسير". الرابع: أن يتعلق بـ "يسير" أي: غير يسير على الكافرين، قاله أبو البقاء ، إلا أن فيه تقديم معمول المضاف إليه على المضاف، وهو ممنوع، وقد جوز ذلك بعضهم إذا كان المضاف "غير" بمعنى النفي كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      4383- إن امرأ خصني عمدا مودته على التنائي لعندي غير مكفور



                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم تحرير هذا آخر الفاتحة مشبعا، فعليك باعتباره ثمة. الخامس: أن يتعلق بما دل عليه "غير يسير" أي: لا يسهل على الكافرين. قال الزمخشري : "فإن قلت فما فائدة قوله: "غير يسير" و"عسير" مغن عنه؟ قلت: لما قال "على الكافرين" فقصر العسر عليهم قال: "غير يسير" ليؤذن بأنه لا يكون عليهم كما يكون على المؤمنين يسيرا هينا ليجمع بين وعيد الكافرين وزيادة غيظهم وتبشير المؤمنين [ ص: 541 ] وتسليتهم. ويجوز أن يراد: عسير لا يرجى أن يرجع يسيرا، كما يرجى تيسير العسير من أمور الدنيا".

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: نقر في الناقور أي صوت يقال: نقرت الرجل إذا صوت له بلسانك وذلك بأن تلصق لسانك بنقرة حنكك. ونقرت الرجل: إذا خصصته بالدعوة، كأنك نقرت له بلسانك مشيرا إليه، وتلك الدعوة يقال لها النقرى، وهي ضد الدعوة الجفلى. قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      4384- نحن في المشتاة ندعو الجفلى     لا ترى الآدب فينا ينتقر



                                                                                                                                                                                                                                      وقال امرؤ القيس:


                                                                                                                                                                                                                                      4385- أنا ابن ماوية إذ جد النقر



                                                                                                                                                                                                                                      يريد: "النقر" أي: الصوت. وقال أيضا:


                                                                                                                                                                                                                                      4386- أخفضه بالنقر لما علوته     ويرفع طرفا غير جاف غضيض



                                                                                                                                                                                                                                      والناقور: فاعول منه كالجاسوس من التجسس، وهو الشيء [ ص: 542 ] المصوت فيه، وفي التفسير: إنه الصور الذي ينفخ فيه الملك. والنقر أيضا: قرع الشيء الصلب. والمنقار: الحديدة التي ينقر بها. ونقرت عنه: بحثت عن أخباره، استعارة من ذلك. ونقرته: أعبته، ومنه قول امرأة لزوجها: "مر بي على بني نظر، ولا تمر بي على بنات نقر" أرادت ببني نظر الرجال; لأنهم ينظرون إليها، وببنات نقر النساء لأنهن يعبنها وينقرن عن أحوالها.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية