الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولو قال أنت طالق واحدة حسنة قبيحة أو جميلة فاحشة طلقت حين تكلم "

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا قصد الطلاق بصفتين مختلفتين فقال : أنت طالق واحدة حسنة قبيحة ، أو جميلة فاحشة ، أو ضارة نافعة ، أو سنية بدعية وقع طلاقها في الحال ، سواء كانت في حال السنة أو في حال البدعة . واختلف أصحابنا في تعليل ذلك فقال بعضهم وهو الظاهر من تعليل الشافعي أنه وصفها بصفتين إحداهما صفة طلاق السنة والأخرى صفة طلاق البدعة ، وهي في أحد الحالتين ، فوقع الطلاق عليها بوجود إحدى الصفتين . وقال آخرون : بل العلة فيه أن تقابل الصفتين أوجب سقوطهما ، لأجل المضادة فيهما فصارت الطلقة بسقوط الصفتين مطلقة ، فوقع الطلاق بها في الحال ، ولو قال : أنت طالق طلاق الحرج والسر ، وقع الطلاق عليها في الحال ، لأن طلاق الحرج هو طلاق البدعة فصار واصفا لها بصفتين متضادتين فيقع بها الطلاق معجلا على ما ذكرنا من اختلاف العلتين فلو قال : أردت بالحرج ، طلاق الثلاث وبالسنة أن يكون في كل طهر واحدة ، فهذا يحتمل ظاهر كلامه أيضا . وهو أغلظ عليه من الواحدة المعجلة فتقع ظاهرا وباطنا على ما نوى .

                                                                                                                                            ولو قال : أنت طالق ملء مكة أو ملء الحجاز أو ملء الدنيا ، طلقت واحدة لم يرد أكثر منها . لأن الطلاق لا يشمل محلا ، فيقع في مكان دون مكان . ويكون معنى قوله : ملء الدنيا أي يظهر ذكرها في الدنيا ، وقد ظهر فيها ذكر الواحدة كظهور الثلاث . [ ص: 143 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية