الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما زوجة المدين في طلاقه ، إذا ألزم الطلاق في الظاهر دون الباطن ، فلا يخلو حالها من ثلاثة أقسام : إما أن تعلم صدقه فيما دين فيه فيسعها فيما بينها وبين الله تعالى أن تقيم معه وتمكنه من نفسها ، ولا يكره لها ، ويجب على الزوج نفقتها ، ويحرم عليها النشوز عنه ، فإن نشزت لم يجبرها الحاكم ، وإن أثمت لوقوع طلاقه في [ ص: 155 ] الظاهر ، واختلف أصحابنا في الحاكم إذا رآهما على الاجتماع ، هل يلزمه التفرقة بينهما أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : يلزمه بحكم الظاهر الفرقة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا يلزمه لأن ما هما عليه من الاجتماع ، يجوز إباحته في الشرع ، فلو فرق الحاكم بينهما ففي تحريمها عليه في الباطن وجهان من اختلاف الوجهين في وجوب حكمه بالفرقة .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن تعلم الزوجة كذبه فيما دين فيه ، فعليها الهرب منه ، ولا يسعها في حكم الظاهر والباطن أن تمكنه من نفسها ، وإن جوزنا للزوج أن يستمتع بها ، وإن سألت الحاكم أن يحكم بينهما بالفرقة لزمه الحكم بها ، ويجوز لها بعد انقضاء العدة أن تتزوج بغيره ويجوز لمن خطبته أن يتزوجها إن لم يصدق الزوج فيما دين فيه ، فإن علم صدقه لم يجز أن يتزوجها إن لم يحكم الحاكم بينهما بالفرقة .

                                                                                                                                            وفي جواز تزويجه بها بعد الحكم بالفرقة وجهان .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : ألا تعلم الزوجة صدقه فيما دين فيه ولا كذبه فيكره لها تمكينه من نفسها لجواز كذبه ، وفي تحريمه فيما بينها وبين الله تعالى وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا تحرم عليها في الباطن تغليبا لبقاء النكاح ، فعلى هذا تكون في حكم القسم الأول .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : يحرم عليها في الباطن تغليبا لوقوع الطلاق في الظاهر ، فعلى هذا يكون في حكم القسم الثاني . فلو ادعى عليه تصديقه فيما دين فيه وأنكرته ، ففي وجوب إحلافها عليه وجهان بناء على ما مضى والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية