الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولو قال إن لم تكوني حاملا فأنت طالق وقف عنها حتى تمر لها دلالة على البراءة من الحمل " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما قوله : إن لم تكوني حاملا فأنت طالق ، فمعناه إن كنت حائلا فأنت طالق ، فلا يخلو إما أن تكون حاملا أو حائلا ، فإذا نفاه عن أحدهما تعلق بالآخر . وإذا كان كذلك فالظاهر عند اشتباه حالها أنها حائل ، فيحرم عليه وطئها ، لأن الظاهر وقوع الطلاق عليها ، وعليه أن يستبرئها بعدة حرة ، ثلاثة أقراء هي أطهار . [ ص: 146 ] وسواء كان قد استبرأها قبل عقد طلاقه أم لا ، لأن هذا استبراء طلاق في الظاهر ، فلم يجز أن يعتد به قبل زمان وقوعه . وإذا كان كذلك لم يخل حالها عند انقضاء الأقراء من أن تكون مستبرئة أو غير مستبرئة . فإن كانت غير مستبرئة بانت بالظاهر ، وهل تحل للأزواج قبل أن تمضي مدة أكثر الحمل أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنها قد حلت في الظاهر للأزواج وإن جاز في الممكن أن يكون بها حمل ، كما تحل التي نجز طلاقها إذا اعتدت بثلاثة أقراء وإن أمكن أن يكون بها حمل .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنها محرمة على الأزواج حتى تمضي مدة أكثر الحمل وهي أربع سنين فتبين وقوع الطلاق عليها بيقين كونها حائلا وقت عقد طلاقها ، والفرق بين هذه وبين التي نجز طلاقها فأمكن بعد الأقراء الثلاثة أن تكون حاملا فلا تحرم على الأزواج بهذا التوهم الممكن ، وتحرم في مسألتنا بهذا التوهم الممكن ، أن التوهم في هذه المسألة يوقع شكا في وقوع الطلاق ، فجاز أن تحرم على الأزواج ، والتوهم في الطلاق الناجز لا يوقع شكا في وقوع الطلاق ، وإنما يوقعه في العدة مع انقضائها بحكم الشرع في الظاهر ، فجاز ألا تحرم على الأزواج .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية