الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر ما وصفنا من أخذه بالبيان ، لم تخل المبينة من أن يكون طلاقها معينا أو مبهما مرسلا ، فإن كان معينا لم يخل حال بيانه من أحد أمرين . إما أن يكون بالقول أو بالوطء فإن بين بالقول صح ، وهو في بيانه بين أمرين ، إما أن يبين المطلقة منهما فتبين بها زوجته الأخرى ، كقوله وهما حفصة وعمرة : المطلقة هي حفصة فيعلم أن عمرة زوجته ، أو يبين الزوجة منهما ، فيعلم أن الأخرى هي مطلقة ، كقوله عمرة هي الزوجة فيعلم أن حفصة هي المطلقة ولكن لو كن ثلاثا كان أنجز البيانين بيان المطلقة ، فيقول حفصة هي المطلقة ، فيعلم ببيان طلاقها أن من سواها من الآخرتين زوجتان ، ولو قال حفصة زوجة احتاج إلى بيان ثان في الآخرتين ، إما بأن يبين المطلقة منهما فتكون الأخرى زوجة وإما أن يبين الزوجة منهما فتكون الأخرى مطلقة ، فهذا حكم بيانه بالقول ، فأما بيانه بالوطء وهو أن يطأ إحداهما ، فلا يكون وطئه بيانا لزوجته الموطوءة ، ولتعيين الطلاق في الأخرى ، فإن قيل فهلا كان الوطء بيانا كما لو قال : باع [ ص: 281 ] أمته بشرط الخيار ، ثم وطئها البائع في زمان خياره كان وطؤه بيانا لفسخ البيع ، لأنه لا يطأ إلا في ملك ، فكذلك لا يطأ إلا زوجة . قيل : الفرق بينهما أن الطلاق لا يقع إلا بالقول دون الفعل ، فلم يصح منه بيانه ، والملك يصح ويثبت بالقول والفعل فصح فسخه في البيع بالقول والفعل .

                                                                                                                                            فإذا ثبت أنه لا يكون بالوطء مبينا عن الطلاق ، سئل عن بيان المطلقة قولا ، فإن بين المطلقة عن الموطوءة صار واطئا لزوجته ، وكان الطلاق واقعا من وقت اللفظ دون البيان ، وإن بين أن المطلقة هي الموطوءة صار واطئا لأجنبية ، وكان عليه الحد ، إن علم دونها ، لأنها لم تعلم وعدتها من وقت اللفظ دون البيان ، وسواء كان الوطء في زمان العدة أو بعد انقضائها إذا كان الطلاق ثلاثا ، ولا عدة عليها من الوطء إن حد ، لأنه زنا ، واعتدت منه إن لم يحد ، لأنه شبه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية