الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما الفصل الثالث : وهو إذا نوى بالكنايات اثنتين وقع اثنتان عندنا .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : لا تقع إلا واحدة ، استدلالا بأن قوله : أنت بائن يتضمن البينونة وهي نوعان : صغرى وهي التي تثبت الرجعة وتحل قبل زوج ، وكبرى وهي التي تقطع عصمة الرجعة ولا تحل إلا بعد زوج ، فإذا أراد الكبرى وكانت الثلاث تبعا وإن لم يرد الكبرى وقعت الصغرى ، لأنها لا تنفك عنها وهي واحدة ، فأما الثنتان فخارج منهما ، ولأن لفظ البينونة لا يتضمن عددا ، لأن البائن مثل الحائض والطاهر ، ولا يحسن أن تقول : أنت بائنتان كما لا يحسن أن تقول : أنت حائضتان وطاهرتان ، فإذا لم يتضمن العدد لم يجز أن يعلق عليه العدد .

                                                                                                                                            ودليلنا هو : أن كل عدد ملك إيقاعه بالصريح ، ملك إيقاعه بالكناية كالثلاث ، ولأن وقوع الثلاث أغلظ من وقوع الثنتين ، لأن الثالثة لا تقع إلا بعد الثانية ، فإذا وقعت الثنتان مع الثالثة فأولى أن تقع الثنتان دون الثالثة ، فأما استدلاله بأن البينونة [ ص: 162 ] بالصريح لا تكون بواحدة فهو أنه ليس وقوعها بالواحدة ، وأن يصح ضم ثانية إليها ، كالمختلعة ، وإن كانت تبين بالواحدة يجوز أن يخالعها على اثنتين .

                                                                                                                                            وأما استدلاله بأن لفظ البائن لا يتضمن عددا ، لأنه لا يحسن أن يقال أنت بائنتان ففاسد بالثلاث ، لأنه لما لم يتضمن العدد لم تقع الثلاث ، وإذا جاز أن تقع ثلاثا ، جاز أن تقع ثنتين ولا يمتنع أن يقال : أنت بائن ثنتين ، كما لا يمتنع أن يقال : أنت بائن ثلاث .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية