الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم .

[40] إلا تنصروه بالنفير معه. [ ص: 187 ]

فقد نصره الله هذا إعلام من الله أنه المتكفل بنصره كما نصره.

إذ أخرجه الذين كفروا من مكة حين مكروا به، وهموا بقتله.

ثاني اثنين أحد اثنين، والمراد: النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبو بكر رضي الله عنه.

إذ هما في الغار نقب في جبل ثور بمكة، مكثا فيه ثلاثا. قرأ أبو عمرو، وورش عن نافع: (الغار) بالإمالة، بخلاف عن الدوري وابن ذكوان، وروي عن قالون: الإمالة بين بين، وتقدم ذكر القصة في الأنفال.

عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر: "أنت صاحبي في الغار وصاحبي على الحوض".

قال الحسين بن الفضل: من قال إن أبا بكر لم يكن صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو كافر؛ لإنكاره نص القرآن، وفي سائر الصحابة إذا أنكر يكون مبتدعا، ولا يكون كافرا.

إذ يقول لصاحبه هو أبو بكر.

لا تحزن إن الله معنا أي: بالرعاية والحفظ، روي أن المشركين طلعوا فوق الغار، فأشفق أبو بكر رضي الله عنه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: [ ص: 188 ]

إن أقتل فأنا رجل واحد، وإن قتلت، هلكت الأمة، فقال: "ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟! "،
وأرسل الله زوجا من حمام حتى باضا في أسفل النقب، والعنكبوت حتى نسجت بيتا.

فأنزل الله سكينته طمأنينته عليه على أبي بكر.

وأيده أي: قوى النبي - صلى الله عليه وسلم -.

بجنود لم تروها هم الملائكة صرفوا الكفار عن رؤيتهما في الغار، وألقوا الرعب في قلوب الكفار يوم بدر والأحزاب وحنين.

وجعل كلمة الذين كفروا هي دعوتهم إلى الكفر.

السفلى المنخفضة المغلوبة.

وكلمة الله دعوته إلى الإيمان. قراءة العامة: (وكلمة الله) بالرفع مبتدأ، خبره هي العليا العالية. وقرأ يعقوب: (وكلمة الله) بالنصب عطفا على (كلمة).

والله عزيز حكيم في أمره وتدبيره.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية