الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الثامنة : قال البارزي في أول كتابه «أنوار التحصيل في أسرار التنزيل» : اعلم أن المعنى الواحد قد يخبر عنه بألفاظ بعضها أحسن من بعض ، وكذلك كل واحد من جزأي الجملة ، قد يعبر عنه بأفصح ما يلائم الجزء الآخر ، ولا بد من استحضار معاني الجمل ، أو استحضار جميع ما يلائمها من الألفاظ ، ثم استعمال أنسبها وأفصحها ، واستحضار هذا متعذر على البشر في أكثر الأحوال ، وذلك عتيد حاصل في علم الله تعالى ، فلذلك كان القرآن أحسن الحديث وأفصحه ، وإن كان مشتملا على الفصيح والأفصح ، والمليح والأملح ، ولذلك أمثلة ، منها قوله تعالى : وجنى الجنتين دان [الرحمن - 54] ، لو قال مكانه : «وثمر الجنتين قريب» ، لم يقم مقامه من جهة الجناس بين الجنى والجنتين ، ومن جهة أن الثمر لا يشعر بمصيره إلى حال يجنى فيها ، ومن جهة مؤاخاة الفواصل . ومنها قوله تعالى : وما كنت تتلو من قبله من كتاب [العنكبوت - 48] ، أحسن من التعبير بـ : «تقرأ» لثقله بالهمزة . ومنها لا ريب فيه [البقرة - 2] أحسن من «لا شك فيه» لثقل الإدغام ، ولهذا كثر ذكر الريب منها . ولا تهنوا [آل عمران - 139] ، أحسن من «ولا تضعفوا» لخفته . و وهن العظم مني [مريم - 4] أحسن من «ضعف» لأن الفتحة أخف من الضمة ، ومنها "آمن" أخف من «صدق» ، ولذا كان ذكره أكثر من ذكر التصديق ، و آثرك الله [يوسف - 91] أخف من «فضلك» ، وآتى أخف من «أعطى» ، و أنذر [يس - 6] أخف من «خوف» . و خير لكم [البقرة - 54] أخف من «أفضل لكم» ، والمصدر في نحو هذا خلق الله [لقمان - 11] ، يؤمنون بالغيب [البقرة - 3] ، أخف من «مخلوق» ، و«الغائب» ، و تنكح [البقرة - 230] أخف من «تتزوج» ، لأن «تفعل» أخف من «تفعل» ، ولهذا كان ذكر النكاح فيه أكثر . [ ص: 428 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية