الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( والسماع على ضربين سماع من المشهود عليه ، نحو الإقرار ، والعقود ، والطلاق ، والعتاق ، ونحوه ) ، وكذا حكم الحاكم ، فيلزم الشاهد الشهادة مما سمع ، لا بأنه عليه ، وهذا المذهب ، وعنه : لا يلزمه ، فيخير ، ويأتي تتمة ذلك مستوفى عند قوله " وتجوز شهادة المستخفي " .

فائدة : لو شهد اثنان في محفل على واحد منهم : أنه طلق ، أو أعتق : قبل ، ولو أن الشاهدين من أهل الجمعة ، فشهدا على الخطيب : أنه قال ، أو فعل [ ص: 11 ] على المنبر في الخطبة شيئا لم يشهد به غيرهما في المسألتين : قبل مع المشاركة في سمع وبصر ، ذكره في المغني في شهادة واحد في رمضان ، قال في الفروع : ولا يعارضه قولهم " إذا انفرد واحد فيما تتوفر الدواعي على نقله مع مشاركة خلق : رد " . قوله ( وسماع من جهة الاستفاضة فيما يتعذر علمه في الغالب إلا بذلك : كالنسب ، والموت ، والملك ، والنكاح ، والخلع ، والوقف ومصرفه ، والعتق ، والولاء ، والولاية ، والعزل ، وما أشبه ذلك ) ، كالطلاق ونحوه ، هذا المذهب ، أعني : أن يشهد بالاستفاضة في ذلك كله ، وعليه جماهير الأصحاب ، وجزم به في الوجيز ، وغيره ، وقدمه في الفروع ، وغيره ، وقيل : لا يشهد بالاستفاضة في الوقف ، وحكى في الرعاية خلافا في ملك مطلق ومصرف وقف ، وقال في العمدة : ولا يجوز عليهما في حد ولا قصاص ، قال في الفروع : فظاهره الاقتصار عليهما ، وهو أظهر . انتهى .

وسأله الشالنجي عن شهادة الأعمى ؟ فقال : يجوز في كل ما ظنه ، مثل النسب ولا يجوز في الحد ، وظاهر قول الخرقي ، وابن حامد ، وغيرهما : أنه يثبت فيهما أيضا ، لأنهم أطلقوا الشهادة بما تظاهرت به الأخبار ، وقال في الترغيب : تسمع شهادة الاستفاضة فيما تستقر معرفته بالتسامع ، لا في عقد ، واقتصر جماعة من الأصحاب منهم : القاضي في الجامع ، والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما [ ص: 12 ] وابن عقيل في التذكرة ، والشيرازي ، وابن البناء على النسب والموت ، والملك المطلق ، والنكاح ، والوقف ، والعتق ، والولاء ، قال في الفروع : ولعله أشهر ، قال في المغني : وزاد الأصحاب على ذلك : مصرف الوقف والولاية والعزل ، وقال نحوه في الكافي ، وقال في الروضة : لا تقبل إلا في نسب وموت وملك مطلق ، ووقف وولاء ونكاح ، وأسقط جماعة من الأصحاب الخلع والطلاق ، وأسقطهما آخرون ، وزادوا : الولاء ، وقال الشارح : لم يذكر المصنف الخلع في المغني ، ولا في الكافي ، قال : ولا رأيته في كتاب غيره ، ولعله قاسه على النكاح ، قال : والأولى أن لا يثبت . قياسا على النكاح والطلاق . انتهى .

قلت : نص الإمام أحمد رحمه الله على ثبوت الشهادة بالاستفاضة في الخلع والطلاق ، وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والمحرر ، والنظم ، والحاوي الصغير ، والوجيز ، وغيرهم ، وقدمه في الرعايتين ، والفروع ، وغيرهم ، لكن العذر للشارح : أنه لم يطلع على ذلك مع كثرة نقله ، وقال في عمد الأدلة : تعليل أصحابنا بأن جهات الملك تختلف : تعليل يوجد في الدين ، فقياس قولهم : يقتضي أن يثبت الدين بالاستفاضة ، قلت : وليس ببعيد .

تنبيه : ظاهر قوله " والنكاح " يشمل العقد والدوام ، وهو صحيح ، وهو ظاهر كلام غيره ، وظاهر ما قدمه في الفروع ، [ ص: 13 ] وقال جماعة من الأصحاب : يشهد بالاستفاضة في دوام النكاح ، لا في عقده ، منهم : ابن عبدوس في تذكرته .

التالي السابق


الخدمات العلمية