الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله { إذا قال " له علي ما بين درهم وعشرة " لزمه ثمانية } لا أعلم فيه خلافا وقوله { وإن قال " من درهم إلى عشرة " لزمه تسعة } هذا المذهب صححه في القواعد الأصولية قال في النكت : هو الراجح في المذهب قال ابن منجا في شرحه : هذا المذهب وجزم به في الوجيز ، والمنور ، ومنتخب الأدمي ، وغيرهم وقدمه في النظم ، والفروع ، والمحرر ، وغيرهم [ ص: 222 ] ويحتمل أن يلزمه عشرة وهو رواية الإمام أحمد رحمه الله ذكرها في الفروع ، وغيره وذكره في المحرر وغيره قولا وقدمه في الرعايتين ، والحاوي وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله : أن قياس هذا القول : يلزمه أحد عشر ; لأنه واحد وعشرة والعطف به يقتضي التغاير . انتهى وقيل : يلزمه ثمانية جزم به ابن شهاب وقال : لأن معناه ما بعد الواحد قال الأزجي : كالبيع وأطلقهن في الشرح ، والتلخيص وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله : ينبغي في هذه المسائل أن يجمع ما بين الطرفين من الأعداد فإذا قال " من واحد إلى عشرة " لزمه خمسة وخمسون إن أدخلنا الطرفين ، وخمسة وأربعون إن أدخلنا المبتدأ فقط ، وأربعة وأربعون إن أخرجناهما .

وما قاله رحمه الله ظاهر على قاعدته إن كان ذلك عرف المتكلم فإنه يعتبر في الإقرار عرف المتكلم وننزله على أقل محتملاته والأصحاب قالوا : يلزمه خمسة وخمسون إن أراد مجموع الأعداد وطريق ذلك : أن تزيد أول العدد وهو واحد على العشرة ، وتضربها في نصف العشرة وهو خمسة فما بلغ : فهو الجواب وقال ابن نصر الله في حواشي الفروع : ويحتمل على القول بتسعة أن يلزمه خمسة وأربعون وعلى الثانية : أنه يلزمه أربعة وأربعون وهو أظهر [ ص: 223 ] ولكن المصنف تابع المغني واقتصر على خمسة وخمسين والتفريع يقتضي ما قلناه انتهى .

فوائد الأولى لو قال " له علي ما بين درهم إلى عشرة " لزمه تسعة على الأصح من المذهب نصره القاضي ، وغيره وجزم به في الوجيز ، وغيره وقدمه في المحرر ، والنظم ، والفروع ، وغيرهم وقيل : يلزمه عشرة قدمه في الرعايتين ، والحاوي وقيل : ثمانية ، كالمسألة التي قبلها سواء عند الأصحاب وأطلقهن شارح الوجيز وقيل : فيها روايتان وهما لزوم تسعة وعشرة وقال في الفروع : ويتوجه هنا : يلزمه ثمانية قال في النكت : والأولى أن يقال فيها : ما قطع به في الكافي وهو ثمانية لأنه المفهوم من هذا اللفظ وليس هنا ابتداء غاية وانتهاء الغاية فرع على ثبوت ابتدائها فكأنه قال " ما بين كذا وبين كذا " ولو كانت هنا " إلى " لانتهاء الغاية فما بعدها لا يدخل فيما قبلها على المذهب قال أبو الخطاب وهو الأشبه عندي انتهى فتلخص طريقان : أحدهما : أنها كالتي قبلها [ ص: 224 ] وهي طريقة الأكثرين ، والثاني : يلزمه هنا ثمانية ، وإن ألزمناه هناك تسعة أو عشرة وهو أولى . الثانية لو قال " له عندي ما بين عشرة إلى عشرين " أو " من عشرة إلى عشرين " لزمه تسعة عشر على القول الأول وعشرون على القول الثاني قال في المحرر ومن تابعه : وقياس الثاني يلزمه تسعة وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله قياس الثاني : أن يلزمه ثلاثون ، بناء على أنه يلزمه في المسألة الأولى أحد عشر .

الثالثة لو قال " له ما بين هذا الحائط إلى هذه الحائط " فقال في النكت : كلامهم يقتضي : أنه على الخلاف في التي قبلها وذكر القاضي في الجامع الكبير : أن الحائطين لا يدخلان في الإقرار وجعله محل وفاق في حجة زفر ، وفرق بأن العدد لا بد له من ابتداء ينبني عليه وذكر الشيخ تقي الدين رحمه الله كلام القاضي ، ولم يزد عليه . الرابعة لو قال " له علي ما بين كر شعير إلى كر حنطة " لزمه كر شعير ، وكر حنطة ، إلا قفيز شعير ، على قياس المسألة التي قبلها ذكره القاضي ، وأصحابه قال في المستوعب : قال القاضي في الجامع : هو مبني على ما تقدم : إن قلنا : يلزمه هناك عشرة لزمه هنا كران وإن قلنا : يلزمه تسعة : لزمه كر حنطة وكر شعير إلا قفيزا شعيرا [ ص: 225 ] وقال في التلخيص : قال أصحابنا : يتخرج على الروايتين ، إن قلنا : يلزمه عشرة : لزمه الكران وإن قلنا : يلزمه تسعة : لزمه كران إلا قفيز شعير . انتهى . وقال في الرعاية : لزمه الكران وقيل : إلا قفيز شعير ، إن قلنا : يلزمه تسعة وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله الذي قدمه في الرعاية : هو قياس الثاني في الأولى وكذلك هو عند القاضي ثم قال : هذا اللفظ ليس بمعود فإنه إن قال له " علي ما بين كر حنطة وكر شعير " فالواجب تفاوت ما بين قيمتهما وهو قياس الوجه الثالث ، واختيار أبي محمد انتهى

التالي السابق


الخدمات العلمية