الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وكان له عبيد وإماء لا يرتفع عليهم في .

مأكل ولا ملبس ولا يمضي له وقت في غير عمل لله تعالى
، أو فيما لا بد له منه من صلاح نفسه يخرج إلى بساتين أصحابه لا يحتقر مسكينا لفقره وزمانته ، ولا يهاب ملكا لملكه ، يدعو هذا وهذا إلى الله دعاء مستويا قد جمع الله تعالى له السيرة الفاضلة ، والسياسة التامة وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب نشأ في بلاد الجهل والصحارى في فقره وفي رعاية الغنم يتيما لا أب له ولا أم فعلمه الله تعالى جميع محاسن الأخلاق والطرق الحميدة ، وأخبار الأولين والآخرين ، وما فيه النجاة والفوز في الآخرة ، والغبطة والخلاص في الدنيا ، ولزوم الواجب ، وترك الفضول .

التالي السابق


(وكان له عبيد وإماء لا يرتفع عليهم في مأكل ولا ملبس) ، روى محمد بن سعد في الطبقات من حديث سلمى قالت: "كان خدم النبي ـ صلى الله عليه وسلم- أنا وخضرة، ورضوى، وميمونة بنت سعد، أعتقهن كلهن"، وإسناده ضعيف، وروى أيضا: "أن أبا بكر بن حزم كتب إلى عمر بن عبد العزيز بأسماء خدم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم- فذكر بركة أم أيمن، وزيد بن حارثة، وأبا كبشة، وآنسة وشقران، وسفينة، وثوبان، ورباحا، ويسارا وأبا رافع، وأبا مويهبة، ورافعا، أعتقهم كلهم، وفضالة، ومدعما، وكركرة"، وروى أبو بكر بن الضحاك في الشمائل من حديث أبي سعيد الخدري بإسناد ضعيف، "كان ـ صلى الله عليه وسلم- يأكل مع خادمه" ، ولمسلم من حديث أبي اليسر "أطعموهم مما تطعمون، وألبسوهم مما تلبسون"، الحديث .

(لا يمضي له وقت في غير عمل لله تعالى، أو فيما لا بد له من صلاح نفسه) روى الترمذي في الشمائل من حديث علي : "كان إذا أوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء; جزءا لله ، وجزءا لأهله، وجزءا لنفسه، ثم جزءا جزأه بينه وبين الناس، فرد ذلك بالخاصة على العامة" الحديث .

(يخرج إلى بساتين أصحابه) ، تقدم في الباب الثالث من آداب الأكل خروجه ـ صلى الله عليه وسلم- إلى بستان أبي الهيثم بن التيهان، وأبي أيوب الأنصاري، وغيرهما .

(لا يحقر مسكينا لفقره، وذمامته، ولا يهاب ملكا لملكه ، يدعو هذا وهذا إلى الله دعاء واحدا) ، روى البخاري من حديث سهل بن سعد مر رجل على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم- فقال: "ما تقولون في هذا؟ قالوا حري إن خطب أن ينكح" الحديث وفيه فمر رجل من فقراء المسلمين فقال: "ما تقولون في هذا؟ قالوا: حري إن خطب أن لا ينكح" الحديث، وفيه: "هذا خير من ملء الأرض ، مثل هذا" ولمسلم من حديث أنس " أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم- كتب [ ص: 107 ] إلى كسرى، وقيصر والنجاشي، وإلى كل جبار يدعوهم إلى الله عز وجل.

(قد جمع الله له السيرة الفاضلة، والسياسة التامة وهو أمي) ، منسوب إلى بطن الأم. (لا يكتب ولا يقرأ) ، تقدم الكلام فيه، في كتاب العلم .

(نشأ في بلاد الجهل والصحاري في فقر وفي رعاية الغنم يتيما لا أب له ولا أم) ، إذ كانا قد توفيا من قبل أن يكبر، (فعلمه الله تعالى جميع محاسن الأخلاق والطرق الحميدة، وأخبار الأولين والآخرين، وما فيه الفوز والنجاة في الآخرة، والغبطة والخلاص في الدنيا، ولزوم الواجب، وترك الفضول) هذا كله معروف معلوم .

فروى الترمذي في الشمائل من حديث علي في صفته، "وكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه" الحديث، وفيه: "فسألته عن سيرته في جلساته، فقال: كان دائم البشر سهل الخلق لين الجانب"، الحديث، وفيه: "كان لا يخزن لسانه إلا فيما يعنيه" ، وفيه: "قد ترك نفسه من ثلاث: من المراء، والإكثار، وما لا يعنيه"، الحديث .

وقد تقدم بعضه وروى ابن مردويه من حديث ابن عباس في قوله تعالى: وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك الآية، قال: "كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم- أميا لا يقرأ ولا يكتب " ، وقد تقدم في العلم، وللبخاري من حديث ابن عباس : "إذا سرك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين ومائة في سورة الأنعام، قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم " .

ولأحمد وابن حبان من حديث أم سلمة في قصة هجرة الحبشة: "أن جعفرا قال للنجاشي، أيها الملك، كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام، ونأكل الميتة " الحديث، ولأحمد من حديث أبي بن كعب : "إني لفي صحراء ابن عشر سنين وأشهر، فإذا كلام فوق رأسي" ، الحديث، وللبخاري من حديث أبي هريرة : "كنت أرعاها أي الغنم على قراريط لأهل مكة"، ولأبي يعلى وابن حبان من حديث حليمة: " إنما كنا نرجو كرامة الرضاعة من والد المولود وكان يتيما".




الخدمات العلمية