الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وحن الجذع الذي كان يخطب إليه لما عمل له المنبر حتى سمع منه جميع أصحابه مثل صوت الإبل فضمه إليه فسكن .

التالي السابق


(و) من معجزاته صلى الله عليه وسلم أن (حن الجذع ) بكسر الجيم ، وسكون الذال المعجمة ساق النخلة ، (الذي كان يخطب إليه) أي مستندا إليه في حال خطبته (لما عمل له صلى الله عليه وسلم المنبر) وحنينه شوقه وانعطافه ، الدال عليهما صوته المسموع ، (حتى سمع منه جميع أصحابه) الحاضرين إذ ذاك (مثل صوت الإبل فضمه إليه) بعد نزوله من المنبر ، (فسكن) .

قال التاج السبكي : وحنينه متواتر ؛ لأنه ورد عن جماعة من الصحابة إلى نحو العشرين من طرق صحيحة كثيرة ، تفيد القطع بوقوعه وبينها ، ثم قال : ورب متواتر عند قوم غير متواتر عند آخرين ، وتبعه بعض الحفاظ قال : فقد نقل هووانشقاق القمر نقلا مستفيضا يفيد القطع عند من يطلع على طرق الحديث ، دون غيرهم ، وجرى في الشفاء أنه متواتر .

قال البيهقي : قصة حنينه من الأمور الظاهرة ، التي نقلها الخلف عن السلف ، وعن الشافعي رضي الله عنه - أن حنينه أعظم في المعجزات من إحياء الموتى .

قال العراقي : روى البخاري من حديث ابن عمر وجابر اهـ .

قلت : أما حديث جابر فرواه البخاري ، عن إسماعيل بن أبي أويس ، حدثني أخي عن سليمان بن بلال ، عن يحيى بن سعيد ، أخبرني حفص ، عن عبيد الله بن أنس بن مالك ، أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما - يقول : "كان المسجد في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم - مسقوفا على جذوع من نخل ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم - إذا خطب يقوم إلى جذع منها ، فلما صنع له المنبر فكان عليه ، فسمعت لذلك صوتا كصوت العشار [ ص: 175 ] حتى جاءه النبي صلى الله عليه وسلم - فوضع يده عليه ، فسكن " ، وأخرجه ابن سعد في الطبقات ، فقال : أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس ، حدثني سليمان بن بلال ، فذكره .

وقال ابن سعد أيضا : أخبرنا يعقوب بن أبي إبراهيم بن سعد الزهري ، عن أبيه ، عن صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب ، حدثني من سمع جابر بن عبد الله ، يقول : "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم - كان يقوم إلى جذع نخلة منصوب في المسجد حتى إذا بدا له أن يتخذ المنبر ، شاور ذوي الرأي من المسلمين ، فرأوا أن يتخذه فاتخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم - فلما كان يوم الجمعة أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم - حتى جلس على المنبر ، فلما فقده الجذع حن حنينا أفزع الناس ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم - عن مجلسه حتى انتهى إليه ، فقام إليه ومسه ، فهدأ فلم يسمع له حنين بعد ذلك اليوم " .

وقال أبو القاسم الطبراني : حدثنا عبدان بن أحمد ، حدثنا العلاء بن سلمة البصري ، حدثنا شيبة أبو قلابة ، عن سعيد الجريري ، عن أبي بصرة عن جابر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم - كان يخطب إلى جذع نخلة ، فقيل : يا رسول الله ، إنه قد كثر الناس ، وتأتيك الوفود من الآفاق ، فلو أمرت بصنعة شيء تشخص عليه " الحديث ، وفيه : "فلما صنعه صعده رسول الله صلى الله عليه وسلم - فحن جذع النخلة التي كان يقوم عليها حنين الناقة ، فسمع أهل المسجد صوتها شوقا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - فنزل فالتزمها ، وقال : والذي نفسي بيده لو تركتها لحنت إلى يوم القيامة " .

قال الحافظ بن ناصر الدين الدمشقي في كتابه عرف العنبر في وصف المنبر ، بعد أن أخرجه من كتاب اليتيمة للحافظ أبي موسى المديني ، من طريق الطبراني المتقدم ما نصه كذا في هذه الرواية عن أبي بصرة ، عن جابر ، والأشبه عن أبي بصرة ، عن أبي سعيد ، قال عبد بن حميد في مسنده : أخبرنا علي بن عاصم ، عن الجريري عن أبي بصرة العبدي ، حدثني أبو سعيد الخدري ، قال : "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة إلى جذع نخلة " ، وذكر الحديث بطوله .

وقد روي عن جابر أيضا من غير هذا الوجه ، قال أبو بكر بن المقري في فوائده : أخبرنا أبو يعلى حدثنا مسروق بن المرزبان ، حدثنا ابن أبي زائدة ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق عن سعيد يعني ابن أبي كريب ، عن جابر ، قال : "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - يقوم إلى خشبة يتوكأ عليها يخطب كل جمعة ، حتى أتاه رجل من الروم ، فقال : إن شئت فعلت لك شيئا إذا قعدت عليه كنت كأنك قائم ، قال : نعم ، قال : فجعل له المنبر ، فلما جلس عليه حنت الخشبة حنين الناقة على ولدها ، حتى نزل النبي صلى الله عليه وسلم - فوضع يده عليها ، فلما أن كان من الغد رأيت قد حولت فقلت : ما هذا ؟ قال : جاء النبي صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر فحولوها " ، تفرد به يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن أبيه ، قاله أبو القاسم الحافظ .

وأما حديث ابن عمر فقد أخرج له البخاري معلقا من طريق أبي حفص عمر بن العلاء ، سمعت نافعا يحدث عن ابن عمر قال : "كان النبي صلى الله عليه وسلم - يخطب إلى جذع فلما اتخذ المنبر تحول إليه ، فحن الجذع فأتاه فمسح يده عليه ، قال : وقال عبد الحميد : أخبرنا عثمان بن عمر ، أخبرنا معاذ بن العلاء ، عن نافع بهذا ورواه أبو عاصم عن أبي رواد ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم - هكذا علقه ، وقد وصله غيره من طريق سعد بن عمر ، وثنا أبو عاصم ، ثنا ابن أبي رواد ، حدثني نافع عن عبد الله بن عمر ، أن تميما الداري رضي الله عنه - قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم - لما أسن وثقل : ألا أتخذ لك منبرا يحمل ، أو قال يجمع عظامك ، أو كلمة تشبهها فاتخذ له مرقاتين ، أو ثلاثة يجلس عليها ، قال : فصعد النبي صلى الله عليه وسلم - فحن جذع كان في المسجد ، كان النبي صلى الله عليه وسلم - إذا خطب يستند إليه ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم - فاحتضنه ، وقال شيئا لا أدري ما هو ، ثم صعد المنبر ، وكان أساطين المسجد جذوعا وسقائفه جريدا " ، أخرجه أبو داود في سننه ، عن الحسن بن علي ، ثنا أبو عاصم ، فذكره مختصرا إلى قوله مرقاتين دون ما بعده ، وحديث عثمان بن عمر رواه أبو القاسم البغوي ، عن السحن بن محمد ، وأحمد بن منصور كلاهما ، عن عثمان بن عمر ، أخبرنا معاذ بن العلاء ، عن نافع ، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - كان يخطب إلى جذع نخلة ، فلما اتخذ المنبر حن الجذع حتى أتاه فالتزمه تابعهم عمرو بن علي الفلاس ، وسليم بن خلاد ، عن عثمان بن عمر بن فارس ، وتابعه يحيى بن محمد بن السكن ، وبدل بن [المحبر] عن معاذ [ ص: 176 ] بن العلاء ، وقال أحمد في مسنده ، حدثنا حسين بن محمد ، حدثنا خلف ، يعني ابن خليفة ، عن أبي خباب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمر ، قال : "كان جذع نخلة في المسجد يسند ظهره إليه إذا كان يوم الجمعة ، أو حدث أمر يريد أن يكلم الناس فقالوا : ألا نجعل لك يا رسول الله ، شيئا كقدر قيامك ، قال : لا عليكم ألا تفعلوا فصنعوا له منبرا ثلاث مراق ، قال : فجلس عليه ، قال : فخار الجذع ، كما تخور البقرة جزعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم - فالتزمه ومسحه حتى سكن " ، أبو خباب يحيى بن أبي حية ، الكوفي ، ضعفه القطان ، وأحمد وابن معين ، توفي سنة 156 وأبوه اسمه حية تابعي كوفي محله الصدق فيما قاله أبو حاتم الرازي ، وقد روى حديث حنين الجذع ، آخرون منهم سهل بن سعد ، وأبي بن كعب ، وأنس بن مالك ، وأبو سعيد الخدري ، وعائشة ، وأبو هريرة ، وابن عباس ، وبريرة ، وأم سلمة ، والمطلب بن أبي وداعة رضي الله عنهم - أما حديث سهل بن سعد ، فأخرجه محمد بن سعد في الطبقات ، قال : أخبرنا أبو بكر بن أبي أويس المدني ، حدثني سليمان بن بلال ، عن سعد بن سعيد بن قيس ، عن عباس بن سهل الساعدي ، عن أبيه رضي الله عنه - "أن النبي صلى الله عليه وسلم - كان يقوم يوم الجمعة إذا خطب إلى خشبة ذات فرضتين ، قال : أرادها من دوم ، كانت في مصلاه ، وكان يتكئ إليها " ، وساق الحديث في عمل المنبر ، ثم قال : فقام عليه النبي صلى الله عليه وسلم - فحنت الخشبة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم - ألا تعجبون لحنين هذه الخشبة فأقبل الناس ، وفرقوا من حنينها حتى كثر بكاؤهم ، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم - حتى أتاها فوضع يده عليها فسكنت ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم - بها فدفنت تحت منبره ، أو جعلت في السقف " ، ورواه أبو إسماعيل الترمذي عن أبي بشر سليمان بن بلال حدثني أبو بكر بن أبي أويس عن سليمان بن بلال ، فذكره ، ورواه أبو إسماعيل الترمذي أيضا عن يحيى بن عبد الله بن بكير ، عن ابن لهيعة ، عن عمارة بن غزية أنه سمع عباس بن سهل بن سعد الساعدي ، يحدث عن أبيه ، قال : "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - يخطب إذا خطب على خشبة ذات فرضتين كانت في المسجد فلما زاد الناس " فذكر الحديث في عمل المنبر ، وفيه : "فما هو إلا أن قعد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم - فتكلم ففقدته الخشبة ، فخارت ، كما يخور الثور لها حنين ، قال : فجعل العباس بن سهل يمد يديه ، كنحو ما رأى أباه يمد يديه ، يحكي حنين الخشبة ، حتى تفزع الناس ، وكثر البكاء ، مما رأوها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - : "سبحان الله ، ألا ترون هذه الخشبة انزعوها واجعلوها تحت المنبر " ، وأما حديث أبي بن كعب ، فأخرجه أبو القاسم البغوي عن عيسى بن سالم ، ثنا عبد الله بن عمرو ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن ابن أبي بن كعب ، عن أبيه ، قال : "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - يصلي إلى جذع ، وكان المسجد عريشا وكان يخطب إلى ذلك الجذع فقال رجال من أصحابه : يا رسول الله ، نجعل لك شيئا تقوم عليه يوم الجمعة ، حتى يراك الناس ، ويسمع الناس خطبتك فقال : نعم ، فصنع له ثلاث درجات فقام عليها ، كما كان يقوم فأصغى عليه الجذع ، فقال له : اسكن ، ثم التفت فقال : إن تشأ أغرسك في الجنة ، فيأكل منك الصالحون ، وإن تشأ أن نعيدك رطبا كما كنت فاختار الآخرة على الدنيا ، فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم - دفع إلى أبي حتى أكلته الأرضة " .

تابعه عبد الله بن أحمد بن حنبل ، فقال في زوائد المسند حدثني عيسى بن سالم ، أبو سعيد الشاشي في سنة 251 فذكره بطوله ، ورواه محمد بن سعد في الطبقات فقال : أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي ، ثنا عبيد الله بن عمرو ، عن ابن عقيل ، عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه ، فذكره بنحوه ، وفيه فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم - أن يقوم على المنبر ، فمر إليه فخار الجذع حتى تصدع وانشق ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم - فمسحه بيده ، حتى سكن ثم رجع إلى المنبر ، وكان إذا صلى صلى إلى ذلك الجذع ، فلما هدم وغير أخذ ذلك الجذع أبي بن كعب ، فكان عنده في داره حتى بلي وأكلته الأرضة ، وعاد رفاتا " .

وأخرج ابن ماجه بنحوه عن إسماعيل بن عبد الله الرقي ، عن عبيد الله بن عمرو ورواه عبد الله بن أحمد ، في زوائد المسند عن سعيد بن أبي الربيع السمان ، عن سعيد بن سلمة بن أبي الحسام ، عن ابن عقيل فذكره ، بطوله .

وأما حديث أنس بن مالك ، فأخرجه أحمد في مسنده فقال : ثنا هاشم أنا المبارك [ ص: 177 ] عن الحسن ، عن أنس ، قال : "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - إذا خطب يوم الجمعة يسند ظهره إلى خشبة ، فلما كثر الناس ، قال : ابنوا منبرا ، فبنوا له فتحول من الخشبة إلى المنبر ، قال : فأخبرني أنس أنه سمع الخشبة تحن حنين الواله ، قال : فما زالت تحن حتى نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم - عن المنبر ، فمشى إليها فاحتضنها فسكنت " .

وفي آخره فكان الحسن إذا حدث بهذا الحديث بكى ، ثم قال : "يا عباد الله ، الخشبة تحن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - شوقا لمكانه ، من لقيه فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه " ، تابعهما عبد الله بن المبارك ، عن المبارك بن فضالة بطوله .

ورواه أبو يعلى الموصلي عن شيبان بن فروخ ، حدثنا همام ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن أنس بنحوه ، وفيه : "فصعد النبي صلى الله عليه وسلم - المنبر حنت الجذعة حنين الناقة ، إلى ولدها ، حتى نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم - عن المنبر ، واحتضنها ، فسكن حنينها ، فكان الحسن إذا حدث بهذا الحديث ، قال : ابن آدم ، هذه جذعة تحن شوقا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - فأنتم أحق بالبكاء إليه " .

تابعه أبو بكر محمد بن محمد بن سليمان الباغندي عن شيبان بن فروخ ، ومن طرق حديث أنس ما قال الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة ، ثنا محمد بن يسار ، ثنا عمر بن يونس ، ثنا عكرمة بن عمار ، ثنا إسحاق بن أبي طلحة ، ثنا أنس بن مالك ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - كان يقوم يوم الجمعة ، فيسند ظهره إلى جذع منصوب في المسجد فيخطب فجاء رومي ، فقال : ألا أصنع لك شيئا تقعد وكأنك قائم ؟ فصنع له منبرا له درجتان ، ويقعد على الثالثة ، فلما قعد نبي الله صلى الله عليه وسلم - خار الجذع خوار الثور ، حتى ارتج المسجد لخواره ؛ حزنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم - ونزل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم - من المنبر فالتزمه ، وهو يخور فلما التزمه رسول الله صلى الله عليه وسلم - سكت ، ثم قال : والذي نفسي بيده لو لم ألتزمه ما زال هكذا حتى تقوم الساعة ؛ حزنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم - فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم - فدفن يعني الجذع " .

أخرجه الترمذي عن محمود بن غيلان ، عن عمر بن يونس به ، وأما حديث أبي سعيد الخدري ، فقد أخرجه عبد بن حميد في مسنده ، وتقدم في أثناء سياق حديث جابر ، وأما حديث عائشة فأخرجه الطبراني بإسناد ضعيف ، أن النبي صلى الله عليه وسلم - "كان يخطب إلى جذع ، فمر رومي فقال : لو دعاني محمد لجعلت له ما هو أرفق من هذا فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم - فجعل له المنبر أربع مراق " الحديث .

وأخرجه البيهقي كذلك ، وفي آخره "أنه خير الجذع بين الدنيا والآخرة ، فاختار الآخرة " ، وأما حديث أبي هريرة ، فأخرجه محمد بن سعد في الطبقات ، عن محمد بن عمر الواقدي ، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن عبد المجيد بن سهيل ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - يوم الجمعة يخطب إلى جذع في المسجد قائما ، فقال : إن القيام قد شق علي ، فقال له تميم الداري : ألا أعمل لك منبرا ، كما رأيت يصنع بالشام " . فساق الحديث ، وفيه : "فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم - فقام عليه ، وقال : منبري هذا على ترعة من ترع الجنة " ، وذكر بقية الحديث .

وأما حديث بريرة ، فأخرجه الدارمي وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم - قال له : "إن شئت أن أردك إلى الحائط الذي كنت فيه " ، فذكر الحديث ، وفيه : "فأصغى له النبي صلى الله عليه وسلم - يسمع ما يقول ، فقال : بل تغرسني في الجنة " ، الحديث .

وأما حديث أم سلمة ، فأخرجه أبو نعيم في الدلائل ، واعلم أن القصة واحدة ، فما وقع في ألفاظها ، مما ظاهره التغاير ، إنما هو من الرواة وعند التحقيق والتأمل يرجع لمعنى واحد ، والله أعلم .




الخدمات العلمية