الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وكان صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها ، وأنورهم لم يصفه واصف إلا شبهه بالقمر ليلة البدر وكان يرى رضاه وغضبه في وجهه لصفاء بشرته وكانوا يقولون : هو كما وصفه صاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه حيث يقول أمين :

مصطفى للخير يدعو كضوء البدر زايله الظلام

.

التالي السابق


(وكان صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها ، وأنورهم ) روى الشيخان من حديث البراء : "كان أحسن الناس وجها وأحسنهم خلقا " الحديث ، ولهما وللترمذي ، وابن ماجه من حديث أنس : "كان أحسن الناس ، وأجود الناس ، وأشجع الناس " ، وقد تقدم .

وروى مسلم من حديث ابن الطفيل : "كان أبيض مليح الوجه " ، وروى الترمذي في الشمائل من حديث أبي هريرة : "كان أبيض كأنما صيغ من فضة " وقد تقدم .

وفي حديث هند بن أبي هالة عند الترمذي ، والبيهقي ، والطبراني ، أنور المتجرد ، وقوله : كأنما صيغ من فضة ، أي باعتبار ما يعلو بياضه من النور والإضاءة ، (لم يصفه واصف إلا شبهه بالقمر) ، وإنما اختير على الشمس ؛ لأنه يتمكن من النظر إليه ، ويؤنس من شاهده من غير أذى يتولد عنه بخلاف الشمس ؛ لأنها تغشى البصر وتؤذي وقال : (ليلة البدر) ؛ لأن القمر فيها في نهاية إضاءته ، وكماله ، ورواه البيهقي في الدلائل من حديث أبي إسحاق الهمداني ، عن امرأة من همدان سماها قالت : "حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - مرات على بعير له يطوف بالكعبة ، بيده محجن عليه بردان أحمران " الحديث ، وفيه قال أبو إسحاق : فقلت لها : شبهيه ، فقالت : "كالقمر ليلة البدر ، لم أر قبله ، ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم " .

وروى البخاري من حديث كعب بن مالك : "لما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو يبرق وجهه وكان إذا سر استنار وجهه ، كأنه قطعة قمر ، وكنا نعرف ذلك منه " ، وروى البيهقي من طريق أبي إسحاق عن جابر بن سمرة ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم - في ليلة إضحيان وعليه حلة حمراء ، فجعلت أماثل بينه وبين القمر ، ورواه من حديث جابر بن سمرة ، بلفظ : فجعلت أنظر إليه ، وإلى القمر ، فلهو كان أحسن في عيني من القمر ، وروى البخاري من طريق زهير عن أبي إسحاق ، قال سأل رجل البراء : "أليس كان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم - مثل السيف ؟ قال : لا ، كان مثل القمر " .

ورواه مسلم بلفظ : "لا بل مثل الشمس ، والقمر مستديرا " ، وفي الشمائل للترمذي من حديث هند بن أبي هالة : "فخما مفخما يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر " ، وروى البيهقي من طريق أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر ، قال : قلت للربيع بنت معوذ : "صفي لي رسول الله صلى الله عليه وسلم - قالت : لو رأيته لقلت الشمس طالعة " ، وفي رواية يا بني لو رأيته رأيت الشمس طالعة .

ورواه من طريق أبي يونس مولى أبي هريرة ، عن أبي هريرة ، قال : ما رأيت شيئا أحسن من النبي صلى الله عليه وسلم - كأن الشمس تجري في وجهه ، الحديث ، ثم إن تشبيه بعض صفاته بنحو القمر والشمس إنما جرى على عادة العرب والشعراء ، أو على سبيل التقريب والتمثيل ، وإلا فلا شيء يعادل شيئا من أوصافه صلى الله عليه وسلم إذ هي أعلى وأجل من كل مخلوق .

(وكان يرى رضاه وغضبه في وجهه لصفاء بشرته) ، تقدم في أول الباب .

(وكانوا يقولون : هو كما وصفه صاحبه أبو بكر ) رضي الله عنه (حين يقول :


أمينا مصطفى للخير يدعو كضوء البدر زايله الظلام)

[ ص: 150 ] وفي بعض النسخ أمين بالرفع ، وزايله فارقه فالبدر أضوأ ما يكون إذ ذاك ، وفي بعض النسخ ، الطلام بكسر الطاء المهملة ، وليس له وجه .




الخدمات العلمية