الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2592 وقال الله تعالى : وأن احكم بينهم بما أنـزل الله

                                                                                                                                                                                  6 - حدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : لو غض الناس إلى الربع ; لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : الثلث والثلث كثير ، أو كبير .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، وسفيان هو ابن عيينة ، عن هشام بن عروة بن الزبير ، وفي مسند الحميدي ، عن سفيان ، حدثنا هشام ، وليس لعروة عن ابن عباس في البخاري إلا هذا الحديث الواحد .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم في الفرائض ، عن إبراهيم بن موسى ، وعن محمد بن عبد الله بن نمير ، وعن أبي كريب ، وعن أبي بكر ، وأخرجه النسائي في الوصايا ، عن قتيبة به ، وأخرجه ابن ماجه فيه عن علي بن محمد ، عن وكيع به ، قوله : " لو غض " بمعجمتين : أي نقص ، وقال ابن الأثير : لو غض الناس : أي لو نقصوا وحطوا ، وكلمة لو للتمني فلا يحتاج إلى جواب ، وإن قلنا : إنها شرطية يكون جوابها محذوفا ، تقديره لكان أولى ونحوه ، ووقع في رواية ابن أبي عمر في مسنده ، عن سفيان بلفظ : كان أحب إلي قوله : " إلى الربع " وزاد الحميدي في الوصية ، وكذا رواه أحمد في مسنده ، عن وكيع ، عن هشام بلفظ : وددت أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع في الوصية ، وفي رواية مسلم ، عن ابن نمير ، عن هشام : " لو أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع " قوله : " لأن رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - " تعليل لما اختاره من التنقيص عن الثلث ، وكأن ابن عباس أخذ ذلك من وصفه - صلى الله تعالى عليه وسلم - الثلث بالكثرة ، قوله : " أو كبير " بالباء الموحدة شك من الراوي .

                                                                                                                                                                                  واعلم أن الإجماع قائم على أن الوصية بالثلث جائزة ، وأوصى الزبير - رضي الله تعالى عنه بالثلث ، واختلف العلماء في القدر الذي تجوز الوصية به ، هل هو الخمس ، أو السدس ، أو الربع ، فعن أبي بكر رضي الله تعالى عنه أنه أوصى بالخمس ، وقال : إن الله تعالى رضي من غنائم المؤمنين بالخمس ، وقال معمر عن قتادة : أوصى عمر رضي الله تعالى عنه بالربع ، وقال إسحاق : السنة الربع ، كما روي عن ابن عباس ، وروي عن علي رضي الله تعالى عنه : لأن أوصي بالخمس أحب إلي من الربع ، ولأن أوصي بالربع أحب إلي من الثلث ، واختار آخرون السدس ، وقال إبراهيم : كانوا يكرهون أن يوصوا مثل نصيب أحد الورثة حتى يكون أقل ، وكان السدس أحب إليهم من الثلث ، واختار آخرون العشر ، واختار آخرون لمن كان ماله قليلا وله وارث ترك الوصية ، روي ذلك عن علي ، وابن عباس ، وعائشة ، وفي التوضيح : وقام الإجماع من الفقهاء أنه لا يجوز لأحد أن يوصي بأكثر من الثلث ، إلا أبا حنيفة ، وأصحابه ، وشريك بن عبد الله .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : هو قول ابن مسعود ، وعبيدة ، ومسروق ، وإسحاق ، وقال زيد بن ثابت : لا يجوز لأحد أن يوصي بأكثر من ثلثه ، وإن لم يكن له وارث ، وهو قول مالك ، والأوزاعي ، والحسن بن حي ، والشافعي .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية