الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2687 57 - حدثنا محمد بن سنان قال : حدثنا فليح قال : حدثنا هلال عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام على المنبر ، فقال : إنما أخشى عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من بركات الأرض ، ثم ذكر زهرة الدنيا فبدأ بإحداهما وثنى بالأخرى ، فقام [ ص: 136 ] رجل فقال : يا رسول الله ، أويأتي الخير بالشر ؟ فسكت عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - قلنا : يوحى إليه ، وسكت الناس كأن على رؤوسهم الطير ، ثم إنه مسح عن وجهه الرحضاء فقال : أين السائل آنفا ؟ أوخير هو ؟ ثلاثا ، إن الخير لا يأتي إلا بالخير ، وإنه كلما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم إلا آكلة الخضر كلما أكلت حتى إذا امتلأت خاصرتاها استقبلت الشمس فثلطت وبالت ، ثم رتعت ، وإن هذا المال خضرة حلوة ، ونعم صاحب المسلم لمن أخذه بحقه يجعله في سبيل الله واليتامى والمساكين وابن السبيل ، ومن لم يأخذه بحقه فهو كالآكل الذي لا يشبع ويكون عليه شهيدا يوم القيامة .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " فجعله في سبيل الله " ومحمد بن سنان بكسر السين المهملة وتخفيف النون أبو بكر العوفي الباهلي الأعمى ، وهو من أفراده ، وفليح بن سليمان وهلال بن أبي ميمونة ، ويقال : هلال بن أبي هلال ، وهو هلال بن علي الفهري المديني ، والحديث قد مضى في كتاب الزكاة في باب الصدقة على اليتامى ، ومضى الكلام فيه هناك ، فلنذكر بعض شيء لبعد المسافة .

                                                                                                                                                                                  قوله : " فبدأ بإحداهما " أي : بالبركات ، قوله : " وثنى بالأخرى " أي : بزهرة الدنيا ، قوله : " أويأتي الخير بالشر " أي : تصير النعمة عقوبة ، قوله : " كأن على رؤوسهم الطير " قال الداودي : يعني أن كل واحد صار كمن على رأسه طائر يريد صيده فلا يتحرك كيلا يطير ، قوله : " الرحضاء " بضم الراء وفتح الحاء المهملة وبالمد العرق الذي أدره عند نزول الوحي عليه يقال : رحض الرجل إذا أصابه ذلك فهو مرحوض ورحيض ، قوله : " أوخير هو " أي : المال هو خير على سبيل الإنكار ، قوله : " إن الخير لا يأتي إلا بالخير " أي : الخير الحقيقي لا يأتي إلا بالخير ، لكن هذا ليس خيرا حقيقيا لما فيه من الفتنة والإشغال عن كمال الإقبال إلى آخره ، قوله : " ينبت " بضم الياء من الإنبات ، قوله : " حبطا " وقعت هذه اللفظة في الأصول ، وذكر ابن التين أنه محذوف ، وهو بفتح الحاء المهملة والباء الموحدة والطاء المهملة ، وهو انتفاخ البطن من داء يصيب الآكل من أكله ، وانتصابه على التمييز ، وقال ابن قرقول : حبطت الدابة إذا أكلت المرعى حتى ينتفخ جوفها فتموت ، قوله : " أو يلم " بضم الياء من الإلمام ، أي : يقرب أن يقتل ، قوله : " إلا آكلة الخضر " أي : إلا الدابة التي تأكل الخضر فقط ، قوله : " فثلطت " أي : الناقة إذا ألقت بعرها رقيقا ، قوله : " خضرة " تأنيثه إما باعتبار أنواعه أو التاء للمبالغة كالعلامة أو معناه إن كان المال كالبقلة الخضرة ، قوله : " ونعم صاحب المسلم " المخصوص بالمدح المال ، قوله : " ويكون عليه شهيدا " وذلك بأن يأتيه في صورة من يشهد عليه بالخيانة ، كما يأتي على صورة شجاع أقرع .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية