الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2668 39 - حدثنا مسدد ، قال : حدثنا معتمر ، قال : سمعت أبي ، قال : سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والهرم ، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ، وأعوذ بك من عذاب القبر .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " والجبن " ، ومعتمر هو ابن سليمان التيمي البصري . وأبو سليمان بن طرحان البصري مولى لبني مرة ، مات سنة ثلاث وأربعين ومائة .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه أيضا في الدعوات عن مسدد عن معتمر . وأخرجه مسلم في الدعوات عن يحيى بن أيوب ، وعن كامل ، وعن محمد بن عبد الأعلى ، وعن أبي كريب . وأخرجه أبو داود في الصلاة عن مسدد به . وأخرجه النسائي في الاستعاذة عن محمد بن عبد الأعلى به .

                                                                                                                                                                                  قوله : " من العجز " هو ضد القدرة ، وقال ابن بطال : اختلف في معنى العجز ، فأهل الكلام يجعلونه ما لا استطاعة لأحد على ما يعجز عنه ، لأنها عندهم مع الفعل ، وأما الفقهاء فيقولون : إنه هو ما يستطيع أن يعمله إذا أراد ، لأنهم يقولون إن الحج ليس على الفور ولو كان على المهلة عند أهل الكلام لم يصح معناه ، لأن الاستطاعة لا تكون إلا مع الفعل ، والذين يقولون بالمهملة يجعلون الاستطاعة قبل الفعل . قوله : " والكسل " هو ضعف الهمة وإيثار الراحة للبدن على التعب ، وإنما استعيذ منه لأنه يبعد عن الأفعال الصالحة . قوله : " والهرم " ، قال الكرماني : ضد الشباب . وفي المغرب : الهرم كبر السن الذي يؤدي إلى تماوت الأعضاء وتساقط القوى ، وإنما استعاذ منه لكونه من الأدواء التي لا دواء لها . قوله : " من فتنة المحيى ، المحيى والممات مصدران ميميان بمعنى الحياة والموت ، وفتنة المحيى أن يفتتن بالدنيا ويشتغل بها عن [ ص: 120 ] الآخرة ، وفتنة الممات أن يخاف عليه من سوء الخاتمة عند الموت وعذاب القبر ، مما يعرض له عند مساءلة الملكين ومشاهدة أعماله السيئة في أقبح الصور ، أعاذنا الله منه بمنه وكرمه .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية