الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2677 48 - حدثنا عبد العزيز بن عبد الله قال : حدثنا إبراهيم بن سعد الزهري قال : حدثني صالح بن كيسان عن ابن شهاب عن سهل بن سعد الساعدي أنه قال : رأيت مروان بن الحكم جالسا في المسجد ، فأقبلت حتى جلست إلى جنبه ، فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أملى عليه " لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله قال فجاءه ابن أم مكتوم ، وهو يملها علي ، فقال : يا رسول الله ، لو أستطيع الجهاد لجاهدت ، وكان رجلا أعمى [ ص: 130 ] فأنزل الله تبارك وتعالى على رسوله ، وفخذه على فخذي ، فثقلت علي حتى خفت أن ترض فخذي ، ثم سري عنه ، فأنزل الله عز وجل غير أولي الضرر

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، ورجاله قد ذكروا غير مرة ، ومروان هو ابن الحكم كان أمير المدينة زمن معاوية ، والحديث من أفراده ، ومن لطائف إسناده أن سهل بن سعد الصحابي يروي عن مروان ، وهو تابعي .

                                                                                                                                                                                  قوله : " يملها " بضم الياء وكسر الميم وتشديد اللام ، أي : يمليها ، والظاهر أن ياءه منقلبة عن إحدى اللامين ، قوله : " لو أستطيع الجهاد " أصله لو استطعت ، عدل إلى المضارع إما لقصد الاستمرار أو لغرض الاستمرار ، قوله : " وكان رجلا أعمى " أي : كان ابن أم مكتوم ، قوله : " وفخذه " الواو فيه للحال ، قوله : " أن ترض " من الرض بتشديد الضاد المعجمة ، وهو الدق الجرش ، قوله : " ثم سري عنه " بالتخفيف والتشديد ، أي : كشف وأزيل ، قيل : إن جبريل عليه الصلاة والسلام صعد وهبط في مقدار ألف سنة قبل أن يجف القلم ، أي : بسبب أولي الضرر ، حكاه ابن التين قال : وهذا يحتاج أن يكون جبريل عليه الصلاة والسلام يتناول ذلك من السماء والأمر كذلك ; لأن القرآن نزل جملة واحدة ليلة القدر إلى سماء الدنيا ، ثم نزل بعد ذلك متفرقا بحسب الحال .

                                                                                                                                                                                  وفيه أن من حبسه العذر وغيره عن الجهاد وغيره من أعمال البر مع نية فيه فله أجر المجاهد والعامل ; لأن نص الآية على المفاضلة بين المجاهد والقاعد ، ثم استثنى من المفضولين أولي الضرر ، وإذا استثناهم منها فقد ألحقهم بالفاضلين ، وقد بين الشارع هذا المعنى ، فقال : إن بالمدينة أقواما ما سلكنا واديا أو شعبا إلا وهم معنا حبسهم العذر ، وكذا جاء فيمن كان يعمل وهو صحيح ، وكذا من نام عن حزبه نوما غالبا كتب له أجر حزبه ، وكان نومه صدقة عليه ، وكذا المسافر يكتب له ما كان يعمل في الإقامة ، وهذا معنى قوله عز وجل : إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون أي : غير مقطوع بزمانة أو كبر أو ضعف ; إذ الإنسان يبلغ بنيته أجر العامل إذا كان لا يستطيع العمل الذي ينويه .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية