الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2653 23 - حدثنا محمد بن عبد الرحيم ، قال : حدثنا شبابة بن سوار الفزاري ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، قال : سمعت البراء رضي الله عنه يقول : أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل مقنع بالحديد ، فقال : يا رسول الله ، أقاتل وأسلم ! قال : أسلم ثم قاتل . فأسلم ثم قاتل فقتل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عمل قليلا وأجر كثيرا .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " أسلم ثم قاتل ، فأسلم ثم قاتل " وقد أتى بالعمل الصالح بل بأفضل الأعمال وأقواها صلاحا وهو الإسلام ثم قاتل بعد أن أسلم ، ومحمد بن عبد الرحيم أبو يحيى كان يقال له : صاعقة ، وهو من أفراد البخاري . وشبابة بفتح [ ص: 106 ] الشين المعجمة وتخفيف الباء الموحدة وبعد الألف باء أخرى ، ابن سوار ، بفتح السين المهملة وتشديد الواو بعد الألف راء ، الفزاري بفتح الفاء وتخفيف الزاي وقد ، مر في كتاب الحيض . وإسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق ، عمرو بن عبد الله السبيعي ، وإسرائيل هذا يروي هنا عن جده أبي إسحاق ، والحديث من أفراده .

                                                                                                                                                                                  قوله : " رجل " ، قال الكرماني : قيل اسمه الأصرم ، بالمهملة ، عمرو بن ثابت الأشهلي ، وحاله من الغرائب لأنه دخل الجنة ولم يسجد لله سجدة قط . قلت : قال الذهبي : في باب الألف : أصرم ، ويقال أصيرم بن ثابت بن وقش الأشهلي استشهد يوم أحد ، وقال في باب العين عمرو بن ثابت بن وقش الأوسي الأشهلي ابن عم عباد بن بشر استشهد بأحد ، وقال أبو عمر : وفي باب الهمزة أصرم الشقري كان في النفر الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني شقرة ، فقال له : ما اسمك ؟ فقال : أصرم . فقال : أنت زرعة . وقال في باب العين : عمرو بن ثابت بن وقش بن رغبة بن عبد الأشهل الأنصاري الأشهلي ، استشهد يوم أحد ، وهو الذي قيل : إنه دخل الجنة ولم يصل لله سجدة ، فيما ذكره الطبري . وفيه نظر . قوله : " مقنع " على صيغة المفعول ، أي : مغشي بالحديد . قوله : " وأجر " على صيغة المجهول .

                                                                                                                                                                                  وفيه أن الله تعالى يعطي الثواب الجزيل على العمل اليسير تفضلا منه على عباده ، فاستحق بهذا نعيم الأبد في الجنة بإسلامه وإن كان عمله قليلا ، لأنه اعتقد أنه لو عاش لكان مؤمنا طول حياته ، فنفعته نيته ، وإن كان قد تقدمها قليل من العمل ، وكذلك الكافر إذا مات ساعة كفره يجب عليه التخليد في النار لأنه انضاف إلى كفره اعتقاد أنه يكون كافرا طول حياته ، لأن الأعمال بالنيات .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية