الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2785 وحدثنا عبد الله بن مسلمة ، عن مالك ، عن حميد ، عن أنس رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى خيبر فجاءها ليلا ، وكان إذا جاء قوما بليل لا يغير عليهم حتى يصبح ، فلما أصبح خرجت يهود بمساحيهم ومكاتلهم ، فلما رأوه قالوا : محمد والله محمد والخميس ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا طريق آخر لحديث أنس أخرجه عن عبد الله بن مسلمة القعنبي إلى آخره والحديث أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن عبد الله بن يوسف ، وأخرجه الترمذي في السير عن إسحاق بن موسى ، وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن سلمة [ ص: 215 ] والحارث بن مسكين . قوله : ( حتى يصبح ) المراد به دخول وقت الصبح ، وهو طلوع الفجر ، فإن قلت : روى مسلم من رواية حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال : فأتيناهم حين بزغت الشمس ، فما الجمع بين الحديثين ؟ قلت : قال شيخنا : الجواب أنهم صلوا الصبح بغلس قبل أن يدخلوا زقاق خيبر الذي أجرى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الصحيحين ، وأنهم وصلوا إلى القرية حين بزغت الشمس . قوله : ( بمساحيهم ) بتخفيف الياء جمع مسحاة بكسر الميم والميم زائدة لأنه مأخوذ من سحوت الطين عن وجه الأرض وسحيته إذا جرفته ، وقال الجوهري : المسحاة كالمجرفة إلا أنها من حديد ، والمكاتل جمع مكتل بكسر الميم والميم فيه أيضا زائدة ، وقال ابن عبد البر : المكاتل القفاف ، وقال الجوهري : المكتل شبه الزنبيل يسع خمسة عشر صاعا . قوله : ( محمد ) أي جاء محمد ، قوله : ( والخميس ) عطف عليه وهو الجيش ، والسبب في تسميته بالخميس أنه خمس فرق : المقدمة والقلب والميمنة والميسرة والساق ، قوله : ( الله أكبر ) المشهور في الرواية التكبير مرة وفي رواية الطبراني من حديث أبي طلحة تكراره ثلاثا وهو حسن ، قوله : ( خربت خيبر ) فيه سجع ولا بأس به إذا لم يكن في ذلك تكلف ، وقوله : ( خربت خيبر ) يحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم قاله بوحي من الله في أنه صلى الله عليه وسلم يغلب عليها ويخربها ، ويحتمل أن يكون تفاؤلا بذلك على عادة العرب في جزمهم بالأمور والإخبار عن وقوعها بصيغة الماضي قبل وقوعها إذا كان ذلك متوقعا قريبا ، وقيل سبب تفاؤله صلى الله عليه وسلم بذلك لما رأى من آلات الحراب معهم من المساحي والمكاتل . قوله : ( إنا إذا نزلنا ) إلى آخره فيه الاستشهاد بالقرآن فيما يحسن ويجمل وفي هذا الحديث الحكم بالدليل لكونه كف عن القتال بمجرد سماع الأذان .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية