الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2828 وقد سافر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في أرض العدو وهم يعلمون القرآن .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أراد البخاري بهذا الكلام أن المراد بالنهي عن السفر بالقرآن السفر بالمصحف خشية أن يناله العدو لا السفر بالقرآن نفسه ، وقد ذكرنا آنفا أن السفر بنفس القرآن لا يمكن وإنما المراد بالقرآن المصحف ، وقال الداودي : لا حجة فيما ذكره البخاري ، وقد روي مفسرا نهي أن يسافر بالمصحف ، رواه ابن مهدي عن مالك ، وعبيد الله عن نافع عن ابن عمر ، وقال الإسماعيلي : ما كان أغنى البخاري عن هذا الاستدلال لم يقل أحد أن من يحسن القرآن لا يغزو العدو في داره ، وقيل : الاستدلال بهذا على الترجمة ضعيف لأنها واقعة عين ولعلهم تعلموه تلقينا وهو الغالب حينئذ ، فعلى هذا يقرأ يعلمون بالتشديد ، وقال الكرماني : قوله يعلمون من العلم ، وفي بعض الرواية من التعليم ، وقال صاحب التوضيح : لكن رأيته في أصل الدمياطي بفتح الياء ، وأجاب المهلب بأن فائدة ذلك أنه أراد أن يبين أن نهيه عن السفر به إليهم ليس على العموم ولا على كل الأحوال ، وإنما هو في العساكر والسرايا التي ليست مأمونة ، وأما إذا كان في العسكر العظيم فيجوز حمله إلى أرضهم ولأن الصحابة كان بعضهم يعلم بعضا لأنهم لم يكونوا مستظهرين له وقد يمكن أن يكون عند بعضهم صحف فيها قرآن يعلمون منها ، فاستدل البخاري أنهم في تعلمهم كان فيهم من يتعلم بكتاب ، فلما جاز له تعلمه في أرض العدو بكتاب وبغير كتاب كان فيه إباحة لحمله إلى أرض العدو إذا كان عسكرا مأمونا ، وهذا قول أبي حنيفة ، ولم يفرق مالك بين العسكر الكبير والصغير في ذلك ، وحكى ابن المنذر عن أبي حنيفة الجواز مطلقا ، قلت : ليس كذلك الأصح هو الأول ، وقال ابن سحنون : قلت لأبي أجاز بعض العراقيين الغزو بالمصاحف في الجيش الكبير بخلاف السرية ، قال سحنون : لا يجوز ذلك لعموم النهي ، وقد يناله العدو في غفلة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية