الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
5328 - ( الطاعون بقية رجز أو عذاب أرسل على طائفة من بني إسرائيل فإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها فرارا منه وإذا وقع بأرض ولستم بها فلا تهبطوا عليها) (ق ت) عن أسامة - (صح) .

التالي السابق


(الطاعون) فاعول من الطعن، عدلوا به عن أصله ووضعوه دالا على الموت العام كالوباء، ذكره الجوهري (بقية رجز) بكسر الراء، قال ابن حجر : ووقع الرجس بسين مهملة بدل الرجز بالزاي، والذي بالزاي هو المعروف، قال التوربشتي : والرجز العذاب وأصله الاضطراب، ومنه قيل رجز البعير رجزا إذا تقارب خطوه واضطرب لضعف فيه (أو عذاب أرسل على طائفة) هم قوم فرعون (من بني إسرائيل) هم الذين أمرهم الله أن يدخلوا الباب سجدا فخالفوا فأرسل عليهم الطاعون فمات منهم في ساعة سبعون ألفا، قال ابن حجر : وقوله: أو عذاب، كذا وقع بالشك، ووقع بالجزم عند ابن خزيمة عن عامر بن سعد بلفظ (إنه رجس سلط على طائفة من بني إسرائيل) (فإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها فرارا) منه فيحرم ذلك (وإذا وقع بأرض ولستم بها فلا تهبطوا عليها) قال الخطابي : في أحد الأمرين تأديب وتعليم، والآخر تفويض وتسليم، وقال التوربشتي : إنه تعالى شرع لنا التوقي عن المحذور، وقد صح أن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - لما بلغ الحجر منع أصحابه من دخوله وأما نهيه عن الخروج؛ فلأنه إذا خرج الأصحاء ضاعت المرضى من متعهد والموتى من التجهيز والصلاة عليهم، وقال الغزالي : إنما نهى عن الخروج كالدخول مع أن سببه في الطب الهواء وأظهر طرق التداوي الفرار من المضر، وترك التوكل في نحوه مباح؛ لأن الهواء لا يضر من حيث تلاقي ظاهر البدن بل من حيث دوام استنشاقه فإنه إذا كان فيه عفونة ووصل إلى الرئة والقلب أثر فيها بطول الاستنشاق فلا يظهر الوباء على الظاهر إلا بعد استحكام التأثير في الباطن فالخروج لا يخلص لكنه يوهم الخلاص فيصير من جنس الموهومات كالطيرة فلو تجرد هذا المعنى لم يكن منهيا لكنه انضم له شيء آخر وهو أنه لو رخص للأصحاء في الخروج لم يبق بالبلد إلا من طعن فيضيع حالهم فيكون محققا لإهلاكهم، وخلاصهم منتظر كما أن صلاح الأصحاء منتظر، ولو أقاموا لم تكن الإقامة قاطعة بالموت ولو خرجوا لم يقطع بالخلاص، والمؤمنون كالبنيان يشد بعضه بعضا أو ينعكس هذا فيمن لم يدخل البلد فإن الهواء لم يؤثر بباطنه، ولا بأهل البلد حاجة إليه، فإن لم يبق بالبلد إلا مطعون وافتقروا لمتعهد وقدم عليهم لم ينه عن الدخول بل يندب للإعانة؛ ولأنه يعرض لضرر موهوم على رجاء دفع ضرر عن بقية المسلمين كما يؤخذ من تشبيهه الفرار هنا بالفرار من الزحف؛ لأن فيه كسرا لقلوب البقية وسعيا في إهلاكهم

(ق عن أسامة) بن زيد ورواه عنه النسائي أيضا



الخدمات العلمية