الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
6061 - (قال الله تعالى: إذا ابتليت عبدي المؤمن فلم يشكني إلى عواده أطلقته من إساري ثم أبدلته لحما خيرا من لحمه ودما خيرا من دمه ثم يستأنف العمل) (ك هق) عن أبي هريرة - (صح) .

التالي السابق


(قال الله تعالى إذا ابتليت عبدي المؤمن) ؛ أي: اختبرته وامتحنته (فلم يشكني) ؛ أي: لم يخبر بما عنده من الألم (إلى عواده) ؛ أي: زواره في مرضه وكل من أتاك مرة بعد أخرى فهو عائد لكنه اشتهر في عائد المريض كما سبق (أطلقته من إساري) ؛ أي: من ذلك المرض (ثم أبدلته لحما خيرا من لحمه) الذي أذهبه الألم (ودما خيرا من دمه) الذي أذهبه الألم (ثم يستأنف العمل) ؛ أي: يكفر المرض عمله السيئ ويخرج منه كيوم ولدته أمه ثم يستأنف؛ وذلك لأن العبد لما تلطخ بالذنوب ولم يتب طهره من الدنس بتسليط المرض فلما صبر ورضي أطلقه من أسره بعد غفره ما كان من إصره ليصلح لجواره بدار إكرامه فبلاؤه نعمة وسقمه منة وفي إفهامه أنه إذا شكى لم ينل هذه المثوبة، قال الغزالي : الشكوى معصية قبيحة من أهل الدين فكيف لا تقبح من رب العالمين، فالأحرى الصبر على القضاء فإن كان ولا بد من الشكوى فإلى الله فهو المبلي وهو المعافي والشكوى ذل، وإظهار الذل للعبيد مع كونهم أذلاء قبيح، قال حكيم: لا تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك، نعم لا بأس بالإظهار إذا صحت النية كأن يصف ما به للطبيب أو لغيره ليعلمه الصبر أو ليظهر بذلك عجزه وافتقاره إلى ربه ولكن يحسن ممن عرف منه القوة والصرامة، كما قيل لعلي في مرضه كيف [ ص: 495 ] أنت؟ قال بشر فنظر بعض القوم لبعض ظانين أنه شكاية، فقال: أأتجلد على الله؟ فأحب إظهار عجزه لما علموه من قوته

(ك هق عن أبي هريرة ) قال الحاكم: على شرطهما وأقره الذهبي في التلخيص لكنه قال في المهذب: لم يخرجه الستة لعلته اهـ. وقال العراقي : سنده جيد



الخدمات العلمية