الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
4744 - (سيد الأيام عند الله يوم الجمعة، أعظم من يوم النحر والفطر، وفيه خمس خلال: فيه خلق آدم، وفيه أهبط من الجنة إلى الأرض، وفيه توفي، وفيه ساعة لا يسأل العبد فيها الله شيئا إلا أعطاه إياه ما لم يسأل إثما أو قطيعة رحم، وفيه تقوم الساعة، وما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا ريح ولا جبل ولا حجر إلا وهو مشفق من يوم الجمعة) (الشافعي حم تخ) عن سعد بن عبادة

التالي السابق


(سيد الأيام عند الله يوم الجمعة) ؛ أي: أفضلها؛ لأن السيد أفضل القوم كما ورد (قوموا إلى سيدكم) ؛ أي: أفضلكم، أو أريد مقدمها؛ فإن الجمعة متبوعة، كما أن السيد يتبعه القوم، ذكره القرطبي (أعظم) عند الله (من يوم النحر والفطر) ؛ أي: من يوم عيد النحر ويوم عيد الفطر الذي ليس بيوم جمعة (وفيه خمس خلال) جمع خلة؛ بفتح الخاء: وهي الخصلة، وهذا جواب عن سؤال: ماذا فيه من الخير؟ فدل على أن الخلال الخمس خيرات وفواضل تستلزم فضيلة اليوم الذي تقع فيه (فيه خلق) الله (آدم، وفيه أهبط من الجنة إلى الأرض) الهبوط ضد الصعود (وفيه توفي، وفيه ساعة) ؛ أي: لحظة لطيفة (لا يسأل العبد فيها الله شيئا إلا أعطاه إياه ما لم يسأل إثما أو قطيعة رحم) ؛ أي: هجران قرابة بنحو إيذاء أو صد (وفيه تقوم الساعة) ؛ أي: القيامة (وما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا ريح ولا جبل ولا حجر إلا وهو مشفق من يوم الجمعة) ؛ أي: خائف منها من قيام القيامة فيه والحشر والحساب [تنبيه] قال ابن عربي : قد اصطفى الله من كل جنس نوعا ومن كل نوع شخصا، واختاره عناية منه بذلك المختار، أو بالغير بسببه، وقد يختار من الجنس النوعين والثلاثة، ومن النوع الشخصين وأكثر، فاختار من النوع الإنساني المؤمنين، ومن المؤمنين الأولياء، ومن الأولياء الأنبياء، ومن الأنبياء الرسل، وفضل الرسل بعضهم على بعض، ولولا ورود النهي عن التفضيل بين الأنبياء لعينت الأفضل، ولما خص الله من الشهور رمضان وسماه باسمه؛ فإن من أسمائه تعالى رمضان، خص الله من أيام الأسبوع يوم العروبة وهو الجمعة، وعرف الأمم أن لله يوما اختصه من السبعة أيام، وشرفه على أيام الأسبوع، ولهذا يغلط من يفضل بينه وبين يوم عرفة وعاشوراء، فإن فضل ذلك يرجع إلى مجموع أيام السنة لا إلى أيام الأسبوع ولهذا قد يكون يوم عرفة أو عاشوراء يوم جمعة وقد لا يكون، ويوم الجمعة لا يتبدل؛ ففضل يوم الجمعة ذاتي، وفضل يوم عرفة وعاشوراء لأمور عرضت؛ إذا وجدت في أي يوم كان كان الفضل لذلك اليوم؛ لهذا العارض، فيدخل مفاضلة عرفة وعاشوراء في المفاضلة بين [ ص: 121 ] الأسباب العارضة الموجبة للفضل في ذلك النوع، كما أن رمضان إنما فضله على الشهور في الشهور القمرية لا الشمسية، فيتشرف ذلك الشهر الشمسي بكون رمضان فيه، فلما ذكر الله شرف اليوم ولم يعينه، بل وكلهم لاجتهادهم اختلفوا، فقالت النصارى: أفضل الأيام الأحد؛ لأنه يوم الشمس وأول يوم خلق الله فيه السماوات والأرض، فما ابتدأ فيه الخلق إلا لشرفه على بقية الأيام فاتخذته عيدا، وقالت اليهود: السبت فإن الله فرغ من الخلق في يوم العروبة واستراح يوم السبت، وزعموا أن هذا في التوراة، فلا نصدقهم ولا نكذبهم، وأعلم الله نبينا بأن الأفضل يوم الجمعة؛ لأنه الذي خلق فيه هذه النشأة الإنسانية التي خلق المخلوقات من يوم الأحد إلى الخميس من أجلها، فلا بد أن يكون أفضل الأوقات؛ وفي حديث ضعيف (إن الساعة تقوم في نصف رمضان يوم الجمعة) وكانوا إذا كان أول رمضان الجمعة أشفقوا حتى ينتصف

(الشافعي) في مسنده (حم تخ عن سعد بن عبادة) سيد الخزرج، وإسناده حسن



الخدمات العلمية