الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
4459 - (رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي، ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة) (ت ك) عن أبي هريرة .

التالي السابق


(رغم) بكسر الغين وتفتح؛ أي: لصق أنفه بالتراب، وهو كناية عن حصول غاية الذل والهوان (أنف رجل) يعني: إنسان؛ وذكر الرجل وصف طردي، وكذا يقال فيما بعده (ذكرت عنده) بالبناء للمفعول (فلم يصل علي) ؛ أي: لحقه ذل وخزي؛ مجازاة له على ترك تعظيمي، أو خاب وخسر من قدر أن ينطق بأربع كلمات توجبه لنفسه عشر صلوات من الله، ورفع عشر درجات، وحط عشر خطيئات، فلم يفعل؛ لأن الصلاة عليه عبارة عن تعظيمه، فمن عظمه عظمه الله، ومن لم يعظمه أهانه الله وحقر شأنه، قال الطيبي : والفاء استبعادية كهي في قوله تعالى فأعرض عنها والمعنى بعيد من العاقل أن يتمكن من إجراء كلمات معدودة على لسانه فيفوز بما ذكر، فلم يغتنمه حتى يموت، فحقيق أن يذله الله اهـ، ورد بأن جعلها للتعقيب أولى؛ ليفيد ذم التراخي عن تعقيب الصلاة عليه بذكره (ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له) ؛ أي: رغم أنف من علم أنه لو كف نفسه عن الشهوات شهرا في كل سنة، وأتى بما وظف له فيه من صيام وقيام غفر له ما سلف من الذنوب، فقصر ولم يفعل حتى انسلخ الشهر ومضى فمن وجد فرصة عظيمة بأن قام فيه إيمانا واحتسابا عظمه الله ومن لم يعظمه حقره الله وأهانه (ورغم أنف رجل) ؛ أي: إنه مدعو عليه أو مخبر عنه بلزوم ذل وصغار لا يطاق (أدرك عنده أبواه الكبر) قيد به مع أن خدمة الأبوين ينبغي المحافظة عليها في كل زمن؛ لشدة احتياجهما إلى البر والخدمة في تلك الحالة (فلم يدخلاه الجنة) لعقوقه لهما، وتقصيره في حقهما، وهو إسناد مجازي يعني ذل وخسر من أدرك أبويه أو أحدهما في كبر السن، ولم يسع في تحصيل مآربه والقيام بخدمته، فيستوجب الجنة، جعل دخول الجنة بما يلابس الأبوين وما هو بسببهما بمنزلة ما هو بفعلهما ومسبب عنهما، وتعظيمهما مستلزم لتعظيم الله، ولذلك قرن تعالى الإحسان إليهما وبرهما بتوحيده وعبادته، فمن لم يغتنم الإحسان إليهما سيما حال كبرهما فجدير بأن يهان ويحقر شأنه

(ت) في الدعوات (ك) كلاهما (عن أبي هريرة ) قال الترمذي : حسن غريب من هذا الوجه، وقال الحاكم : صحيح، قال ابن حجر : وله شواهد



الخدمات العلمية