الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                    إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة

                                                                                                                                                                    البوصيري - شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري

                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    [ 218 / 1 ] وقال الحارث بن محمد بن أبي أسامة: ثنا داود بن المحبر، ثنا بكر بن عبد الله بن أخت عبد العزيز بن أبي رواد، عن عطية بن عطية، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن عمرو بن شعيب قال: "إني لقاعد عند سعيد بن المسيب، قال بعض القوم: يا أبا محمد، إن رجالا يقولون: قدر الله كل شيء ما خلا الشر. قال: فوالله ما رأيت سعيدا غضب غضبا قط مثل غضبه يومئذ حتى هم بالقيام، ثم قال: فعلوها! ويحهم لو يعلمون، أما والله لقد سمعت فيهم حديثا كفاهم به شرا. قال: قلت: وما ذاك يرحمك الله يا أبا محمد؟ قال: فنظر إلي وقد سكن غضبه عنه، قال: حدثني رافع ابن خديج سمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: في أمتي أقوام يكفرون بالله وبالقدر وهم لا يشعرون، كما كفرت اليهود والنصارى. قال: قلت: جعلت فداك يا رسول الله، يقولون ماذا؟ قال: يؤمنون ببعض القدر، ويكفرون ببعض القدر.

                                                                                                                                                                    قلت: جعلت فداك يا رسول الله، يقولون كيف؟ قال: يقولون: الخير من الله والشر من إبليس. قال: وهم يقرؤون على ذلك كتاب الله ويكفرون بالله وبالقرآن بعد الإيمان والمعرفة، فماذا تلقى أمتي منهم من العداوة والبغضاء والجدال، أولئك زنادقة هذه الأمة وفي زمانهم يكون ظلم السلطان، فيا له من ظلم وحيف وأثرة، فيبعث الله طاعونا فيفني عامتهم ثم يكون المسخ والخسف، وقليل من ينجو منه، المؤمن يومئذ قليل فرحه، شديد غمه، ثم يكون المسخ، يمسخ الله عامة أولئك قردة وخنازير، ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بكينا لبكائه، فقيل: ما هذا البكاء يا رسول الله؟ قال: رحمة لهم الأشقياء؛ لأن فيهم المجتهد وفيهم المتعبد مع أنهم ليسوا بأول من سبق إلى هذا القول وضاق به ذرعا، إن عامة من هلك من بني إسرائيل به هلك.

                                                                                                                                                                    وقيل: يا رسول الله: ما الإيمان بالقدر؟ قال: أن تؤمنوا بالله وحده وتعلموا أنه لا يملك معه أحد ضرا ولا نفعا، وتؤمنوا بالجنة والنار وتعلموا أن الله خلقهما قبل خلق الخلق، ثم خلق خلقه فجعل من شاء منهم للجنة ومن شاء منهم للنار"
                                                                                                                                                                    . [ ص: 180 ]

                                                                                                                                                                    [ 218 / 2 ] رواه أبو يعلى الموصلي: ثنا أحمد الدورقي، ثنا المقرئ، ثنا ابن لهيعة، حدثني عمرو بن شعيب قال: "كنت عند سعيد بن المسيب إذ جاءه رجل فقال: يا أبا محمد، إن ناسا يقولون: قدر الله كل شيء ما خلا الأعمال، فغضب غضبا لم أره غضب مثله قط، حتى هم بالقيام، ثم قال: فعلوها! ويحهم لو يعلمون، أما إني قد سمعت فيهم حديثا كفاهم به شرا، قال: وما ذاك يا أبا محمد رحمك الله؟ قال: حدثني رافع بن خديج، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: سيكون في أمتي أقوام يكفرون بالله وبالقرآن وهم لا يشعرون، قال: قلت: يا رسول الله، قال: يقرون ببعض القدر ويكفرون ببعض. قال: قلت: يقولون ماذا يا رسول الله؟ قال: يقولون الخير من الله والشر من إبليس، ثم يقرؤون على ذلك كتاب الله فيكفرون بالله وبالقرآن بعد الإيمان والمعرفة، فما تلقى أمتي منهم من العداوة والبغضاء، ثم يكون المسخ، فيمسخ الله أولئك عامة قردة وخنازير، ثم يكون الخسف، فقل من ينجو منه، المؤمن يومئذ قليل فرحه، شديد غمه ... " فذكره إلا أنه قال: "فجعل من شاء منهم للجنة ومن شاء منهم للنار عدلا ذلك منه، فكل يعمل لما قد فرغ له منه صائرا إلى ما خلق له، فقلت: صدق الله ورسوله " . قلت: حديث رافع بن خديج ضعيف؛ لضعف داود بن المحبر وابن لهيعة.

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية