الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          " سمع الله لمن حمده " .

                                                                                                                          لفظه خبر ، ومعناه الدعاء بالاستجابة ، قال الخطابي : معنى سمع استجاب قال : قد يحتمل أن يكون دعاء من الإمام للمأمومين ، لأنهم يقولون : ربنا لك الحمد . وعلى مذهب أكثر العلماء في جمع الإمام والمأموم بين كلمتين ، فتشيع الدعوة من كلا الطائفتين لنفسه ولأصحابه . آخر كلامه .

                                                                                                                          " ربنا ولك الحمد " .

                                                                                                                          صحت الرواية بإثبات الواو ودونها فكلاهما مجزئ ، إلا أن الأفضل بالواو ، وقال القاضي عياض بإثبات الواو ، ويجمع معنيين : الدعاء والاعتراف ؛ أي ربنا استجب لنا ، ولك الحمد على هدايتك إيانا . ويوافق قول من قال : سمع الله لمن حمده ، بمعنى الدعاء ، وعلى حذف الواو يكون بالحمد مجردا ، ويوافق قول من قال : سمع الله لمن حمده ، خبر .

                                                                                                                          " ملء السماء وملء الأرض " .

                                                                                                                          قال الخطابي : هذا كلام تمثيل وتقريب ، والكلام لا يقدر بالمكاييل ، ولا تحشى به الظروف ، ولا تسعه الأوعية ، وإنما المراد : تكثير العدد حتى لو قدر أن تكون تلك الكلمات أجساما ، تملأ الأماكن ، لبلغت من كثرتها ما يملأ السماوات والأرضين ، قال : وقد يحتمل أيضا أن يكون المراد به أجرها وثوابها ، ويحتمل أن يراد به التعظيم لها والتفخيم لشأنها ، كما يقول القائل : تكلم فلان اليوم بكلمة كأنها جبل ، وحلف بيمين كالسموات والأرضين ، كما يقال : هذه الكلمة تملأ طباق الأرض ؛ أي إنها تسير [ ص: 77 ] وتنتشر في الأرض ، كما قالوا : كلمة تملأ الفم وتملأ السمع ونحوها من الكلام . والملء بكسر الميم الاسم من قولك : ملأت الإناء أملؤه ملأ . آخر كلام الخطابي . والمشهور في الرواية : " ملء " بالنصب ووجهه : أنه صفة لمصدر محذوف كأنه قال : لك الحمد حمدا ملء السماء ، ويجوز الرفع بحيث قال بعض المتأخرين : لا يجوز غيره ، ووجهه : أنه صفة للحمد ؛ أي لك الحمد المالئ ؛ لأن " ملء " وإن كان جامدا فهو بمعنى المشتق ، ويجوز أن يكون عطف بيان .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية