الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والفصل الثاني من أحكام الولد في كسبه إذا كان من أهل الاكتساب ، وفيه ثلاثة أقاويل :

                                                                                                                                            أحدها : إن كسب الولد لأمه تستعين به في كتابتها ، لأنه تبع لها في العتق ، يعتق بعتقها فكان كسبه مثل كسبها ، ويكون للأم أن تتملك أكسابه لوقتها .

                                                                                                                                            والقول الثاني : إن كسبه للسيد لأنه مملوكه والأم إنما ملكت أكساب نفسها بالعقد ، والولد تبع لها في العتق دون العقد ، فخرجت أكسابه عن العقد ، فعلى هذا يكون للسيد أن يتملك أكسابه لوقتها .

                                                                                                                                            والقول الثالث : أن أكسابه موقوفة على عتقه ورقه ، لاختصاصه بأكسابه ، وتردد حاله بين أن يعتق فيملكها ، أو يرق فتكون لسيده ، فلذلك وجب وقفها حتى تستقر حاله على أحد أمريه ، فعلى هذا إن عتقت الأم بما أدته من كسبها ملك الولد أكساب نفسه ، لأنه قد عتق بعتق أمه ، وإن رقت الأم بالعجز ولم يكن في كسب الولد وفاء بالأداء ملك السيد أكساب الولد ، لأنه قد رق برق أمه ، وإن كان في كسب الولد حين عجزت وفاء بمال كتابتها ، ففي استحقاقها له عند وقفه ليتحرر عتقها بأدائه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يستحقه ، لأنه موقوف بين الولد والسيد ، فلم يكن للأم فيه حق .

                                                                                                                                            والقول الثاني : تستحقه في تحرير عتقها ، لأنه وقف طلبا لحظ الولد إن أعتق ، فإذا أخذته الأم فمعتق كان أحظ للولد من أن يأخذه السيد فيرق .

                                                                                                                                            [ ص: 214 ] فأما إن مات هذا الولد ، وكسبه موقوف قبل أن يعتق أو يرق ففي مستحق كسبه قولان مبنيان على مستحق قيمته ، لو قتل :

                                                                                                                                            أحدهما : يكون لأمه إذا قيل : إن قيمته لها .

                                                                                                                                            والثاني : لسيده إذا قيل إن قيمته له .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية