الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت أن المولى وارث بولائه بعد العصبات وذوي الفروض ، فإن كان المولى ميتا ، فالولاء بعده لأقرب عصباته يوم يموت العبد المعتق ، فإن مات وترك ابن مولاه وبنت مولاه وأبا مولاه ، فميراثه لابن المولى دون البنت . وحكي عن طاوس أن الميراث بالولاء كالميراث بالنسب ، فيحصل لأبي المولى السدس ، والباقي بين ابن المولى ، وبنت المولى للذكر مثل حظ الأنثيين .

                                                                                                                                            وحكي عن شريح والأوزاعي والنخعي ، وأبي يوسف وأحمد وإسحاق ، أن لأب المولى السدس والباقي لابن المولى دون بنت المولى ، ومذهب الشافعي وأبي حنيفة ومالك ، وداود ، وهو قول زيد بن ثابت وأكثر التابعين أن ابن المولى أولى من الأب والبنت .

                                                                                                                                            أما البنت ، فلأن النساء لا يرثن بالولاء ، لعدم التعصيب فيهن وأما الأب ، فلأن الابن مقدم عليه في الولاء ، فلا يشاركه فيه ، وكذلك لا يشارك بني الابن ، وإن سفلوا لأنه لا يرث معهم إلا بالغرض ، ولا حق لذوي الفروض في ميراث الولاء ثم ميراثه بعد بني مولاه لأب المولى ؛ لأنه أحق العصبات بعد البنين ثم فيمن يرثه بعد أب المولى قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : أخو مولاه ، ويكون أحق من جد المولى .

                                                                                                                                            والقول الثاني : يشترك فيه أخو المولى ، وجد المولى ، فإن ترك جد مولى وابن أخي مولى ، ففيه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن جد المولى أحق .

                                                                                                                                            والثاني : أن ابن أخي المولى أحق ، ولا يشتركان فيه ، فإن ترك جد مولاه وعم مولاه ، فجد المولى أحق وإن ترك أبا جد مولاه وعم مولاه ففيه قولان :

                                                                                                                                            [ ص: 93 ] أحدهما : أن عم المولى أحق .

                                                                                                                                            والقول الثاني : يشترك فيه العم ، وأبو الجد .

                                                                                                                                            ولو ترك أبا جد مولاه ، وابن عم مولاه ، ففيه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن أبا جد المولى أحق .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أن ابن عم المولى أحق ، ولا يشتركان فيه .

                                                                                                                                            وعلى هذا القياس ، فيمن كان أبعد منهم ، فإن لم يكن لمولاه عصبة ، فلمولى المولى ثم لعصبته يتقدمون بميراثه على ذوي الأرحام ، فإن عدموا فلبيت المال على قول من لم يورث ذوي الأرحام ، وهو على قول من ورثهم لذوي الأرحام دون بيت المال .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية