الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال المزني : قلت أنا : " قد قطع في خمسة عشر كتابا بعتق أمهات الأولاد ووقف في غيرها " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما مذهب الشافعي ، فلم يختلف في قديم ولا جديد في عتق أمهات الأولاد بموت السيد ، وتحريم بيعهن في حياته وقد نص عليه في الكتب التي ذكرها المزني . وأما قوله : " ووقف في غيرها " ، فلأصحابنا في الجواب عنه ثلاثة أجوبة :

                                                                                                                                            [ ص: 320 ] أحدها : أنه سهو منه في النقل ، وأنه لم يقف عنه في شيء من كتبه .

                                                                                                                                            والثاني : أنه توقف حكاية عن غيره ممن يقف في عتقهن ، ومنع جواز بيعهن .

                                                                                                                                            والثالث : أنه توقف استيضاحا بحكم الاجتهاد ، وإفسادا لدعوى الإجماع ردا على مالك في ادعائه الإجماع في تحريم بيع أمهات الأولاد بناء على أصله في أن الإجماع إجماع أهل المدينة ، وأن من خالفهم من غيرهم محجوج لا ينتقض به إجماعهم ، لأن عليا عليه السلام استجد خلافه في جواز بيعهن بالكوفة بعد أن وافق أبا بكر وعمر بالمدينة ، فلم يعتد مالك بخلافه بعد خروجه عنها ، والشافعي يخالفه فيما يعتقده من الإجماع في تحريم بيعهن ، وفيما يراه من إجماع أهل المدينة فيهن ، يعني الرد عليه في الأمرين من غير توقف في حكم العتق ، وتحريم البيع ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية