الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا أعتق السيد في مرضه أمة ، وتزوجها ووطئها ، ثم مات عنها ، ففي نكاحه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : باطل ؛ لأن حالها مترددة بين أن يعتق من ثلثه ، فيصح نكاحها ، وبين أن ترق بالدين ، فيبطل نكاحها ، ومن هذه حالها لا يصح نكاحها ؛ لأن النكاح الموقوف باطل .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول أبي العباس بن سريج ، أن النكاح ينعقد ، وعقده موقوف على خروجها من ثلثه ، أو إجازة ورثته لعتقه لا لنكاحهما ، فإن خرجت من الثلث أو أجاز الورثة العتق صح النكاح ، ولم ترث به ؛ لأن عتقها وصية تبطل بالميراث ، وإن لم يخرج من الثلث ، ولم يجز الورثة العتق بطل النكاح ، واتفق حكم الوجهين مع بطلانه ، وفي وطئه لها وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يكون هدرا لا تستحق به مهرا ، لتردد حالها بين أن تستحقه بعتقها أو يسقط برقها .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يكون المهر منه مستحقا اعتبارا بظاهر العتق ، وفيه إذا كان مستحقا وجهان حكاهما ابن سريج :

                                                                                                                                            أحدهما : يكون من رأس المال اعتبارا بمهور الأحرار .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه يكون من الثلث اعتبارا بعتقها أنه من الثلث .

                                                                                                                                            فإذا استقر هذا لم يخل حالها من ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن تتسع التركة لقيمتها ومهرها ، فينفذ عتقها ، وتستحق به جميع مهرها .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن يتسع لقيمتها ، ويضيق عن مهرها ، فيكون نفوذ عتقها في جميعها موقوفا على إبرائها من مهرها ، فإن أبرأت منه بعد العتق في جميعها ، وإن طالبت به دخل به دور يبطل به من عتقها بقدر ما تستحقه بحريتها على ما سنذكره .

                                                                                                                                            [ ص: 63 ] والقسم الثالث : أن تضيق التركة عن قيمتها ومهرها ، بألا يكون له مال غيرها .

                                                                                                                                            مثاله : أن تكون قيمتها ثلاثمائة درهم ، ومهر مثلها مائة درهم ، فإن جعلنا المهر من رأس المال جعلت لهما بالعتق سهما ، وبالمهر ثلث سهم ، وجعلت للورثة سهمين تكون ثلاثة أسهم وثلثا ، فأبسطها من جنس الكسر تصير عشرة أسهم ، فأعتق منها بسهم العتق ، وهو ثلثه ، فيعتق بها ثلاثة أعشارها ، وبيع منها بسهم المهر عشرها يكون هو بقدر ثلاثة أعشار مهرها ، ويرق للورثة ستة أعشارها ، وهو مثلا ما عتق منها .

                                                                                                                                            وإن جعل المهر من الثلث جعلت ثلثها ، وقيمته مائة درهم ، مقسوما بين العتق والمهر على أربعة أسهم ، يكون قسط السهم خمسة وعشرين درهما ، فأعتق منها بسهام العتق ، وهي ثلاثة أسهم قدرها خمسة وسبعون درهما ، فعتق بها ربعها ، وبيع منها بسهم المهر وهو خمسة وعشرون درهما بقية ثلثها ، وقدره نصف السدس ، وهو ربع مهرها ، فقد استكمل بها ثلثها ، وقيمته مائة درهم ، ورق للورثة ثلثاها ، وقيمته مائتا درهم ، وهو مثلا ما خرج بالعتق والمهر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية