الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : ولو كان العبيد الأربعة على حالهم ، وعليه مائة درهم دينا فأقرع بينهم للدين ، وبيع فيه أحدهم ، ثم أقرع بين الثلاثة الباقين للعتق ، وأعتق أحدهم ، ورق للورثة اثنان منهم ثم ظهر عليه مائة درهم ثانية دينا ، كان على الوجهين المتقدمين :

                                                                                                                                            [ ص: 49 ] أحدهما : وهو مذهب الشافعي يباع في الدين أحد العبدين المسترقين ، ويسترق من العبد المعتق ثلثه ، فيصير للورثة عبد وثلث ، وينفذ بالعتق ثلثا عبد .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : تبطل قرعة العتق ، ويستأنف القرعة بين الثلاثة للدين ، فإذا قرع فيه أحدهم بيع للدين سواء كان محكوما بعتقه أو برقه ، ثم استؤنفت قرعة العتق ، فأعتق بها ثلثا أحدهما ، ورق للورثة ثلثه ، وجميع الآخر ، وعلى هذا لو ظهرت عليه مائة ثالثة دينا بعد ما بيع في المائة الثانية ، فعلى الوجه الأول الذي هو المذهب لا تنقض قرعة العتق ، ويباع مما استرقه للورثة عبد بمائة درهم ، ويبقى معهم ثلث عبد ، فيسترقون من ثلثي من عتق ثلثه ، ليصير لهم ثلثا عبد ، وللعتق ثلث عبد .

                                                                                                                                            وعلى الوجه الثاني : تنقض قرعة العتق ، ويعود العبدان الآخران إلى حكم الرق ، فيباع في الدين أحدهما بالقرعة ، ويبقى الآخر ، فيعتق ثلثه ، ويرق ثلثاه .

                                                                                                                                            ولو ظهرت بعدها مائة رابعة دينا بيع فيه من أعتق ومن رق على الوجهين معا لاستيعاب الدين جميع التركة ، فلو كانت التركة عبدا قيمته مائة درهم أعتقه في مرضه ، ومات فحكم بعتق ثلثه ، ورق ثلثيه لورثته ، ثم ظهر عليه دين قدره مائة درهم يستوعب جميع تركته ، فمذهب الشافعي وجمهور أصحابه أنه ينقض ما حكم به من عتق ثلثه ، ويباع جميعه في دينه ، ووهم بعض أصحابه ، فأعتق تسعه ، وأرق في الدين ثمانية أتساعه ، وجعل وجه ذلك أن مال العتق سهم ، وللدين سهمان ثم سهم العتق مقسوم بين العتق والورثة على ثلاثة ، فيصح من تسعة ستة منها ، وهي الثلثان للدين وثلثه بين العتق والورثة أثلاثا ، للعتق سهم وهو التسع ، فيعتق تسعه ، ويبقى للورثة سهمان ترد على أصحاب الدين ، ولا وجه لهذا القول لأن عتق المرض وصية في الثلث ، ولا وصية إلا بعد قضاء الدين كما لا ميراث إلا بعد قضائه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية