الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " وإن وطئاها فعلى كل واحد منهما مهر مثلها ، فإن عجزت تقاصا المهرين " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وقد مضى الكلام في وطء أحد الشريكين ، فأما إذا وطئها الشريكان معا فلا حد على واحد منهما ، وإن كان محظورا ، لما ذكرناه من شبهة [ ص: 221 ] الملك ، ويعزرا إن علما بالحظر ، وعلى كل واحد منهما مهر مثلها يدفعانه إليها ، تستعين به في كتابتها ، فإن تحرر عتقها بالأداء استقر مهرها على كل واحد منهما ، وكان لها إن لم تقبضه أن تستوفيه بعد العتق ، وإن عجزت ورقت فلها في مهرها ثلاثة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكونا قد دفعاه إليها فلا رجوع لهما عليها إلا بما وجداه في يدها .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن يكون قد دفعه أحدهما دون الآخر ، فيرجع الدافع بما في يدها بنصف المهر ، ويشتركان في باقيه ، فيرجع شريكه الذي لم يدفع بنصف ما عليه من المهر ويبرأ من باقيه .

                                                                                                                                            والحال الثالثة : أن يكون المهر باقيا عليها ، فيستحق كل واحد منهما على صاحبه الرجوع بنصف المهر الذي عليه ، وهل يكون ذلك قصاصا أم لا ؟ على ما قدمناه من الأقاويل الأربعة ، فإن لم نجعله قصاصا ، أعطى كل واحد منها نصف ما عليه واستوفى نصف ماله ، وليس لواحد منهما أن يحبس ما عليه ليستوفي ماله ، والمبتدئ بالمطالبة هو المبتدئ بالاستيفاء ، وإن جعلنا ذلك قصاصا ، فإن تساوى المهران برئا بالقصاص ، وإن تفاضل المهران لجواز أن يكون قد وطئها أحدهما بكرا والآخر ثيبا ، سقط الأقل من الأكثر . ورجع مستحق الزيادة بها على صاحبه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية