الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت أن الكتابة لا تبطل بالجنون ، وإن بطلت بالموت فللسيد إذا حل نجم الكتابة أن يأتي الحاكم ، فيثبت عنده عقد الكتابة وحلول النجم فيها ، ثم يفتش الحاكم بعد ثبوت ذلك عن مال المكاتب ، فإن وجد له مالا دفعه إلى السيد ، وعتق به إن كان من آخر نجومه .

                                                                                                                                            فإن قيل : فهذا المال غير لازم للمكاتب ، ولو غاب لم يفتش عن ماله فهلا كان في الجنون كذلك ؟ قيل : لأنه قد صار بالجنون مولى عليه فكان للحاكم الولي عليه أن يصرف ماله في مصالحه ، وأصلح الأمور تحري عتقه ، وليس كذلك الغائب ، لأنه لا ولاية عليه ، ومصالحه موكولة إليه ، فإذا لم يجد للمكاتب مالا أحلف الحاكم سيده أنه ما قبض مال النجم منه ، وإنه لباق عليه ، لأنه قضاء على مجنون ، فكان كالقضاء على الغائب ، فإذا حلف السيد حكم لسيده بتعجيزه وإعادته عبدا قنا ، وأخذه بنفقته ، فإن أفاق المجنون بعد استرقاقه وظهر له مال قامت البينة بتقدمه في ملكه أبطل الحاكم تعجيزه ، وحكم بعتقه كما يبطل ما نفذ من أحكامه بالاجتهاد إذا خالف نصا ، وحكم [ ص: 299 ] للسيد باسترجاع نفقته ، لأنه أنفق بحكمه ، فإذا استرجعها نظر في الباقي بعدها من مال المكاتب ، فإن كان فيه وفاء عتق ، وإن لم يكن فيه وفاء لم يعتق ، وكان ما أخذه مستحقا بالملك لا بالكتابة ، ولو أقام المكاتب البينة بعد إفاقته أنه قد كان أدى مال كتابته إلى السيد قبل جنونه عتق ، وكان السيد متطوعا بالنفقة عليه ، ولا يرجع بها بعد إفاقته ، لأنه بجحود الاستيفاء قد صار ملتزما ما لم يلزمه ، فلذلك صار به متطوعا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية