الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " إلا أن المكاتب ممنوع من استهلاك ماله وأن يبيع بما لا يتغابن الناس بمثله ولا يهب إلا بإذن سيده " .

                                                                                                                                            [ ص: 236 ] قال الماوردي : قد ذكرنا أن المكاتب مالك لكسبه غير أن للسيد عليه حجرا ، ولا يصرف ما بيده إلا في أحد ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                            أحدها : في دين يستحق .

                                                                                                                                            والثاني : في طلب فضل يستزاد .

                                                                                                                                            والثالث : في مئونة لا يستغنى عنها .

                                                                                                                                            فأما الدين فنوعان : مراضاة ، وإكراه .

                                                                                                                                            فأما دين المراضاة فكالإجارات ، والقروض .

                                                                                                                                            وأما دين الإكراه فكقيم المتلفات وأروش الجنايات ، فعليه أداؤها معا ، وهما سواء في وجوب القضاء ، ولا يلزمه استئذان السيد في واحد منهما .

                                                                                                                                            وأما طلب الفضل ، فقد يكون من وجهين : تجارة ، وعمل .

                                                                                                                                            فأما التجارة ، فتكون بالبيع والشراء ، فلا اعتراض للسيد عليه فيما باعه واشتراه إذا لم يظهر فيه مغابنة .

                                                                                                                                            وأما العمل فهو احترافه بيديه في أنواع المكاسب ، ولا اعتراض للسيد عليه إذا تصدى له ، ولا يجبره عليه إن قعد ، لأنه ليس للسيد أن يجبره على الاكتساب ، كما ليس له أن يمنعه منه .

                                                                                                                                            وأما ما لا يستغنى عنه من المؤن فنوعان : مئونة تثمير ماله ، ومئونة لحراسة نفسه ، فأما مئونة التثمير فكسقي الزروع ، وعلوفة المواشي ، ونقل الأمتعة .

                                                                                                                                            وأما مئونة نفسه ، فكالذي يحتاج إليه من مأكوله وملبوسه أو من تجب عليه نفقته من زوجة وولد ، ولا اعتراض للسيد عليه في كلا المئونتين ما لم يخرج فيهما إلى حد السرف .

                                                                                                                                            فأما نفقته في ملاذه فما كان منها معهودا بمثله لم يمنع منه ، وما خرج عن المعهود منع منه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية