الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا أعتق السيد عبده عن غيره ، فعلى ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يعتقه عن حي .

                                                                                                                                            والثاني : عن ميت .

                                                                                                                                            فإن أعتقه عن حي ، فعلى ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يعتقه عنه بغير أمره ، فيكون ولاؤه لمعتقه ، ويكون للمعتق عنه اعتبارا لقصد المعتق ، وحمله على مذهبه في السائبة ، وقد مضى الكلام معه .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يعتقه عتق الحي بأمره ، فيكون ولاؤه للآمر دون المعتق ، فإن أمره أن يعتقه بعوض كان بيعا ، وإن أمره أن يعتقه بغير عوض كان هبة .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : إن كان بعوض كان ولاؤه للآمر ، وإن كان بغير عوض كان ولاؤه للمعتق . ودليلنا : هو أن عتق الموهوب كعتق المبيع ؛ لأنه يملك بالهبة كما يملك بالبيع ، فوجب أن يستويا في استحقاق الولاء .

                                                                                                                                            وأما العتق عنه بعد موته ، فضربان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون عن إذن الميت في حياته ، فيكون ولاؤه للآمر دون المعتق كالحي .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : بغير إذن الميت ، فعلى ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون العتق تطوعا ، فيكون العتق عن المعتق ، وله ولاؤه دون الميت .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون العتق عن واجب في الكفارة ، فعلى ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون عتقا في كفارة لا خيار فيها كالعتق في كفارة القتل والظهار ، فيكون العتق واقعا عن المعتق عنه ، وله ولاؤه دون المعتق لوجوبه على من يقدر على أدائه .

                                                                                                                                            [ ص: 91 ] والضرب الثاني : أن يكون العتق عن كفارة فيها تخيير مثل كفارة الأيمان ، فينظر في المعتق .

                                                                                                                                            فإن كان وارثا وقع العتق عن المعتق عنه ، وله ولاؤه دون المعتق ؛ لأن الوارث يقوم مقام الموروث ، وإن كان المعتق أجنبيا ، ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يجزئ عن المعتق وله ولاؤه ، لوجوبه عليه كالوارث .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا يجزئ عن المعتق عنه ، ويكون واقعا عن المعتق ، وله ولاؤه ؛ لأنه لما جاز العدول عن العتق إلى الإطعام والكسوة صار العتق فيها كالتطوع .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية