الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما القسم الثالث : وهو ما فتحه المسلمون صلحا ، فضربان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن نصالحهم على أن يكون ملك الدار لنا دونهم ، ويسكنون معنا فيها بالجزية ، فينظر في بيعهم وكنائسهم ، فإن استثنوها في صلحهم أقرت عليهم : لأن الصلح يجوز أن يقع عاما في جميع أرضهم ، وخاصا في بعضهم ، فيقروا عليها بالصلح ، ويمنعوا من استحداث غيرها ، وإن لم يستثنوها في صلح صارت كأرض العنوة ، هل يملك المسلمون بيعهم وكنائسهم إذا فتحوها ؟ على ما تقدم من الوجهين .

                                                                                                                                            ويكون حكم هذا البلد في منع أهل الذمة في الأقسام الخمسة على ما قدمناه من أحكامنا .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن نصالحهم على أن يكون ملك الدار لهم دوننا على جزية يؤدونها إلينا ، عن رءوسهم ، أو عن أرضهم ، أو عنهما جميعا ، فيجوز أن يقروا على بيعهم وكنائسهم ، ويجوز أن يستأنفوا فيها إحداث بيع وكنائس : لأنه لم يجر عليها للمسلمين ملك .

                                                                                                                                            فأما الأقسام الخمسة التي يؤخذ أهل الذمة بها في بلاد الإسلام ، فيؤخذ هؤلاء في بلدهم بقسمين منها ، وهو الأول والثاني : لأن الأول هو المقصود بعقد الجزية وهي الأحكام الثلاثة : لأنهم قد صاروا بهذا الصلح من أهل الجزية .

                                                                                                                                            وبالقسم الثاني : وهي الشروط الستة : لأنها محرمات منع الشرع منها . فأما الأقسام الثلاثة الباقية من منكراتهم واستعلائهم ، فلا يؤخذوا بها ، ولا يمنعوا منها : لأنها دارهم ، وهي دار منكر في معتقد وفعل ، فكان أقل أحوالهم فيها أن يكونوا مقرين على ما يقرون عليه في بيعهم وكنائسهم في بلاد الإسلام .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية