الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولهم أن يأكلوا ويعلفوا دوابهم في دار الحرب ، فإن خرج أحد منهم من دار الحرب وفي يده شيء صيره إلى الإمام " .

                                                                                                                                            [ ص: 167 ] قال الماوردي : يجوز لأهل الجهاد إذا دخلوا دار الحرب أن يأكلوا طعامهم ، ويعلفوا دوابهم ما أقاموا في دارهم ، ولا يحتسب به عليهم من سهمهم ، لرواية عبد الله بن مغفل قال : دلي جراب من شحم يوم خيبر ، قال فأتيته فالتزمته وقلت : لا أعطي اليوم منه أحدا شيئا ، ثم التفت فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبتسم ، فدل تبسمه منه وتركه عليه على إباحته له .

                                                                                                                                            وروى عبد الله بن أبي أوفى قال : أصبنا طعاما يوم خيبر ، قال : فكان الرجل يجيء فيأخذ منه مقدار ما يكفيه وينصرف ، فدل ذلك على إباحته ، ولأن أزواد المجاهدين تنفد ، ويصعب نقلها من بلاد الإسلام إليهم ، ولا يظفرون بمن يبيعها عليهم ، فدعت الضرورة إلى إباحتها لهم .

                                                                                                                                            فإذا ثبت إباحتها لهم ، فقد اختلف أصحابنا هل تعتبر الحاجة في استباحتها أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قول الجمهور والظاهر من مذهب الشافعي ، أن الحاجة غير معتبرة في استباحتها وأنه يجوز لهم أن يأكلوا ويعلفوا دوابهم مع الحاجة والغنى والوجود والعدم ، واعتبارا بطعام الولائم .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول أبى علي بن أبي هريرة : إنهم لا يستبيحونه إلا مع الحاجة : اعتبارا بأكل المضطر من طعام غيره هو ممنوع منه إلا عند حاجته ، واعتباره بالمضطر خطأ من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن المضطر لا يستبيح إلا عند خوف التلف وهذا مباح ، وإن لم يخف التلف .

                                                                                                                                            والثاني : أن المضطر ضامن ، وهذا غير ضامن فافترقا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية