الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ثم بدأ به مرضه الذي مات فيه في يوم الأربعاء الثاني والعشرين من صفر ، وهو في بيت ميمونة بنت الحارث فحم وصدع .

                                                                                                                                            قال أبو سعيد الخدري : وكان عليه صالب الحمى ، ما تكاد تقر يد أحدنا عليه من شدتها ، فجعلنا نسبح فقال لنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ليس أحد أشد بلاء من الأنبياء ، كما يشتد علينا البلاء كذلك يضاعف لنا الأجر .

                                                                                                                                            وروى سعد قال : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أشد الناس بلاء قال : النبيون ثم الأمثل فالأمثل ولما اشتد به المرض صاحت أم سلمة فقال : مه ، إنه لا يصيح إلا كافر ، وكان إذا عاد مريضا أو مرض هو مسح بيده على وجهه قال : أذهب البأس رب الناس ، واشف أنت الشافي ، لا شفاء إلا شفاؤك ، شفاء لا يغادر سقما ، فلما كان في مرض موته تساند إلى عائشة : فأخذت بيده ، وجعلت تمسحها على وجهه ، وتقول هؤلاء الكلمات ، فانتزع يده منها وقال : ارفعي عني فإنها إنما كانت تنفع في المرة أسأل الله [ ص: 92 ] الرفيق الأعلى ، اللهم أدخلني جنة الخلد مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصدقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا .

                                                                                                                                            وكان جبريل - عليه السلام - ينزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا مرض قبل مرض موته فيقول : بسم الله أرقيك ، من كل شيء يؤذيك ، وعين الله تشفيك ، ولم يقل له ذلك في مرض موته ، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يسد كل باب إلى المسجد إلا باب أبي بكر ، فقال له العباس : ما بالك فتحت أبواب رجال وسددت أبواب رجال في المسجد فقال : يا عباس ما فتحت عن أمري وما سددت عن أمري .

                                                                                                                                            واستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه أن يحللنه من القسم ليمرض في بيت عائشة : فأذن له ، وحللنه ، فانتقل من بيت ميمونة إلى بيت عائشة رضي الله عنها ، وأغمي عليه في مرضه فلدوه ، فأفاق ، وأحس بخشونة اللدود ، فقال : ما صنعتم : قالوا لددناك ، قال بماذا : قالوا : بالعود الهندي وشيء من ورس ، وقطرات من زيت فقال : من أمركم بهذا : قالوا : أسماء بنت عميس ، قال هذا رطب أصابته بأرض الحبشة : لا يبقين أحد في البيت إلا لد إلا عمي العباس فجعل بعضهم يلد بعضا والتدت ميمونة ، وكانت صائمة لقسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان ذلك منه عقوبة لهم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية