الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما الفرق المعتبر في مراكبهم فمن وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : في جنس المركوب .

                                                                                                                                            والثاني : في صفة المركوب .

                                                                                                                                            فأما جنس المركوب ، فيركبون البغال والحمير ، ويمنعون من ركوب الخيل [ ص: 328 ] عتاقا ، وهجانا لقول الله تعالى : وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم [ الأنفال : 165 ] فأخبر بإعدادها لأوليائه في جهاد أعدائه .

                                                                                                                                            وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة ، يعني بالخير الغنيمة ، وهم المغنومون ، فلم يجز أن يصيروا بها غانمين .

                                                                                                                                            وروي أنه قال : الخيل ظهورها عز وبطونها كنز

                                                                                                                                            . وأما صفة المركوب ، فيختار أن يركبوا على الأكف عرضا لرواية عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب كتب إلى أمراء الأجناد يأمرهم أن يختموا في رقاب أهل الذمة بالرصاص ، وأن يظهروا مناطقهم ، ويجزوا نواصيهم ، ويركبوا الأكف عرضا ، ولا يتشبهوا بالمسلمين في لبوسهم .

                                                                                                                                            فأما الختم بالرصاص في رقابهم ، فقد ذكرناه ، وأما إظهار مناطقهم ، فهو شد الزنار في أوساطهم ، فوق ثيابهم ، وأما جز نواصيهم فهو ما ذكرنا من تحذيفهم في مقدم رءوسهم ، وأما ركوب الأكف عرضا فهو أن تكون رجلا الراكب إلى جانب ، وظهره إلى جانب ، فإن تجاوز الأكف إلى ضده بحمل الأثقال إلى السروج بما تميز من سروج المسلمين ، وكانت ركبهم فيها خشبا ، ولم تكن حديدا ، ويمنعون من تختم الفضة والذهب لما فيها من التطاول والمباهاة ، ولو وسمت بغالهم بما يتميز به عما للمسلمين كان أولى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية