الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( وإن شهد ) شاهد ( بسبب يوجب الحق ) كتفريط في أمانة [ ص: 579 ] ( أو ) شهد ب ( استحقاق غيره ) كقوله : أشهد أن زيدا يستحق بذمة عمرو كذا ( ذكره ) أي الموجب للاستحقاق ; لأنه قد لا يعتقده الحاكم موجبا ، ( والرؤية تختص بالفعل كقتل وسرقة وغصب وشرب خمر ورضاع وولادة ) وعيوب مرئية في نحو مبيع ; لأنه يمكن الشهادة على ذلك قطعا فلا يرجع إلى غيره ، ( والسماع ضربان . ) الأول : ( سماع من مشهود عليه كعتق وطلاق وعقد ) من بيع أو نكاح ونحوهما ( وإقرار ) بمال أو حد أو نسب أو قود أو رق أو غيره ( وحكم حاكم وإنفاذه ) حكم غيره ، فإذا سمع إنسان من غيره شيئا من ذلك ، وعرف القائل يقينا كما ذكره في الكافي ( فيلزمه ) أي الشخص ( الشهادة بما سمع ) من قائل عرفه يقينا ، كما في الكافي ( سواء وقت الحاكم الحكم ) بأن قال : حكمت بكذا في زمن كذا ، أو لم يؤقته ، ( أو استشهده مشهود عليه ) ، أو لم يستشهده لئلا يمتنع ثبوت الغصب وسائر ما يتضمن العدوان ، فإن فاعلها لا يشهد بها على نفسه ، ( أو كان الشاهد مستخفيا حين تحمله ) الشهادة ( أو لا ) ، فمن عنده حق ينكره بحضرة من يشهد عليه فسمع إقراره من لا يعلم به المقر جاز أن يشهد عليه بما سمعه منه ; لأنه بسماعه المقر حصل له العلم بالمشهود به كما لو رآه يفعل شيئا ولم يعلم الفاعل أن أحدا رآه .

                                                                          ( و ) الثاني : ( سماع بالاستفاضة ) بأن يشتهر المشهود به بين الناس فيتسامعون به بإخبار بعضهم بعضا ، ولا تسمع شهادة بالاستفاضة إلا ( فيما يتعذر علمه غالبا بدونها ) أي الاستفاضة ( كنسب ) إجماعا وإلا لاستحالت معرفته به ، إذ لا سبيل إلى معرفته قطعا بغير ذلك ولا تمكن الشهادة فيه ، وكولادة ( وموت وملك مطلق ) ، إذ الولادة قد لا يباشرها إلا المرأة الواحدة ، والموت قد لا يباشره إلا الواحد والاثنان ممن يحضره ويتولى غسله وتكفينه ، والملك قد يتقادم سببه فتوقف الشهادة في ذلك على المباشرة يؤدي إلى العسر خصوصا مع طول الزمن ، وخرج بالمطلق كقوله : ملكه بالشراء من فلان أو الإرث أو الهبة ، فلا تكفي فيه الاستفاضة .

                                                                          ( و ) ك ( عتق ) بأن يشهد أن هذا عتيق زيد ; لأنه أعتقه ( و ) ك ( ولاء وولاية وعزل ) ; لأنه إنما يحضره غالبا آحاد الناس ، ولكن انتشاره في أهل المحلة أو القرية يغلب على الظن صحته عند الشاهد ، بل ربما قطع به لكثرة المخبرين ولدعاء الحاجة إليه ، ( و ) ك ( نكاح ) عقدا ودواما ( وخلع وطلاق ) نصا فيهما ; لأنه مما [ ص: 580 ] يشيع ويشتهر غالبا ، والحاجة داعية إليه ، ( و ) ك ( وقف ) بأن يشهد أن هذا وقف زيد لا أنه أوقفه ، ( و ) ك ( مصرفه ) أي الوقف وما أشبه ذلك قال : الخرقي : وما تظاهرت به الأخبار واستقرت معرفته في قلبه شهد به ; ولأن هذه الأشياء تتعذر الشهادة عليها غالبا بمشاهدتها ومشاهدة أسبابها أشبهت النسب ، وكونه يمكن العلم بمشاهدة سببه لا ينافي التعذر غالبا ، .

                                                                          ( و ) يجوز لأحد أن ( يشهد باستفاضة إلا ) إن سمع ما يشهد به ( عن عدد يقع بهم ) أي : بخبرهم ( العلم ) ; لأن لفظ الاستفاضة مأخوذ من فيض الماء لكثرته قال في شرحه : ويكون ذلك العدد عدد التواتر ; لأنها شهادة فلا يجوز أن يشهد بها من غير علم لقوله تعالى : { ولا تقف ما ليس لك به علم } .

                                                                          ( ويلزم الحكم بشهادة لم يعلم تلقيها من الاستفاضة ، ومن قال شهدت بها ) أي الاستفاضة ( ففرع ) ذكره في الفروع والإنصاف والتنقيح ، .

                                                                          وفي المغني شهادة أصحاب المسائل يعني الشهود استفاضة لا شهادة على شهادة ، فيكتفى بمن شهد بها كبقية شهادة الاستفاضة ، وفي الترغيب ليس فيها فرع ، وفي التعليق وغيره الشهادة بالاستفاضة خبر لا شهادة ، وأنها تحصل بالنساء والعبيد وذكر ابن الزاغوني إن شهد أن جماعة يثق بهم أخبروه بموت فلان أو أنه ابنه أو أنها زوجته فهي شهادة استفاضة ، وهي صحيحة ، وكذا أجاب أبو الخطاب يقبل في ذلك ويحكم فيه بشهادة استفاضة ، وذكر القاضي أن القاضي يحكم بالتواتر

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية