الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " وإن كان معهن من له فرض مسمى زوج أو امرأة أو أم أو جدة أو بنات ابن ، وكان ذلك الفرض المسمى النصف أو أقل من النصف بدأت بأهل الفرائض ، ثم قاسم الجد ما يبقى أختا أو أختين أو ثلاثا أو أخا وأختا ، وإن زادوا كان للجد ثلث ما يبقى وما بقي فللإخوة والأخوات للذكر مثل حظ الأنثيين ، وإن كثر الفرض المسمى بأكثر من النصف ولم يجاوز الثلثين قاسم أختا أو أختين ، فإن زادوا فللجد السدس ، وإن زادت الفرائض على الثلثين لم يقاسم الجد أخا ولا أختا ، وكان له السدس وما بقي فللإخوة والأخوات للذكر مثل حظ الأنثيين " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : قد مضى الكلام في تفرد الجد والإخوة بالميراث ، فأما إذا شاركهم ذو فرض فللجد معهم عند دخول ذوي الفروض عليهم الأكثر من أحد ثلاثة أشياء : إما المقاسمة ، أو ثلث ما بقي ، أو سدس جميع المال ، فإن كانت المقاسمة أكثر قاسم لما قدمناه من الدليل على مقاسمته لهم ، فإن كان الثلث الباقي أكثر فرض له ثلث الباقي : [ ص: 128 ] لما ذكرناه من أنهم لا يحجبون إلى أقل من الثلث ، وإن كان السدس أكثر فرض له السدس : لأنه لا ينقص برحمه عن السدس : فلذلك جعلنا له الأكثر من المقاسمة ، أو ثلث الباقي ، أو سدس الجميع ، فإذا تقرر ما وصفنا ، فلا يخلو حال من دخل عليه من ذوي الفروض من أربعة أقسام :

                                                                                                                                            القسم الأول : أن يكون الفرض أقل من النصف : فيعطي الجد الأكثر من المقاسمة أو ثلث الباقي : لأنه أكثر من سدس الجميع ، فعلى هذا لو ترك زوجة وأخا وجدا ، كان للزوجة الربع والباقي بين الجد والأخ نصفين : لأن المقاسمة أوفر له ، ولو ترك زوجة ، وجدا ، وأخا ، وأختا ، كان للزوجة الربع ، والباقي بين الجد والأخ نصفين : لأن المقاسمة أوفر له ، ولو ترك زوجة ، وأخا ، وجدا ، وأختا ، كان للزوجة الربع ، والباقي بين الجد والأخ والأخت على خمسة أسهم والمقاسمة أوفر ، ولو ترك أما ، وأخا ، وأختين ، وجدا ، كان للأم السدس ، والباقي بين الجد والأخ والأختين على ستة أسهم ، والمقاسمة وثلث الباقي سواء ، ولو ترك أما ، وأخوين ، وأختا ، وجدا ، كان للأم السدس ، وللجد ثلث ما بقي : لأنه أكثر المقاسمة وما بقي بين الأخوين والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين ، ولو ترك زوجة وأما وأخا وأختا وجدا ، كان للزوجة الربع وللأم السدس والباقي بين الجد والأخ والأخت على خمسة أسهم ، والمقاسمة أكثر من ثلث ما بقي .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن يكون الفرض النصف لا غير وذلك فرضان : فرض الزوج ، وفرض البنت ، فإن كان للزوج فكانت الفريضة زوجا وأخا وجدا ، كان للزوج النصف ، والباقي بين الجد والأخ نصفين ، والمقاسمة أوفر ، فلو كانت زوجا ، وأخا ، وأختا ، وجدا ، كان للزوج النصف ، والباقي بين الأخ والجد والأخت على خمسة ، والمقاسمة أوفر ، فلو كانت زوجا ، وأخوين ، وجدا ، كان للزوج النصف ، والباقي بين الجد والأخوين على ثلاثة ، والمقاسمة وثلث الباقي وسدس جميع المال سواء ، فلو كانت زوجا ، وأخوين ، وأختا ، وجدا ، كان للزوج النصف ، وللجد ثلث ما يبقى ، وهو سدس الجميع أيضا والباقي بين الأخوين والأخت لا يقاسمهم الجد ، لتساويه بالمقاسمة عن ثلث ما يبقى وسدس الجميع ، وإن كان النصف فرض البنت : فقد حكي عن علي - عليه السلام - أنه لا يزيد الجد على السدس مع البنت ، أو بنت الابن ، وعلى قول الجماعة إن الجد يقاسم الإخوة مع البنت كما يقاسم مع غير البنت : لأن الجد لا يضعف عن الأخ والأخت ، فلما اقتسم الأخ والأخت ما فضل عن فرض البنت اقتسمه الأخ والجد ، فعلى هذا لو ترك بنتا ، وأخا ، وجدا ، كان للبنت النصف ، والباقي بين الأخت والجد على ثلاثة ، ولو ترك بنتا وأخوين ، وأختا ، وجدا ، كان للبنت النصف ، وللجد ثلث ما يبقى وهو السدس : لأن المقاسمة تنقصه عنه والباقي بين الأخوين والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن يكون الفرض يزيد على النصف ولا يزيد على الثلثين ، فيكون للجد الأكثر من المقاسمة أو سدس جميع المال : لأن ثلث الباقي أقل منه ، فعلى هذا لو ترك [ ص: 129 ] زوجة ، وأما ، وأختا ، وجدا ، كان للزوجة الربع ، وللأم الثلث ، والباقي بين الجد والأخ : لأنه أكثر له من السدس ، وتفضل الأم بسهمها على الجد ، وحكي عن عمر وابن مسعود - رضي الله عنهما - أنهما كانا لا يفضلان أما على جد ، وفضلها زيد : لأن الأم أقوى ولادة وأقرب درجة فلم يمتنع تفضيلها على الجد ، فلو ترك بنتا ، وأما ، وأختا ، وجدا ، كان للبنت النصف ، وللأم السدس ، والباقي بين الجد والأخت على ثلاثة ، والمقاسمة أوفر ، ولو ترك بنتا وبنت ابن ، وأخا ، وجدا ، كان للبنت النصف ، ولبنت الابن السدس ، والباقي بين الجد والأخ نصفين ، والمقاسمة والسدس سواء ، ولو كان مع الأخ أخت فرض للجد السدس لأن المقاسمة أقل .

                                                                                                                                            والقسم الرابع : أن يكون الفرض أكثر من الثلثين : للجد السدس ، وربما استوى السدس والمقاسمة ، فإذا كانت الفريضة زوجا وبنتا وأخا وجدا كان للزوج الربع ، وللبنت النصف ، وللجد السدس ، والباقي للأخ سهم من اثني عشر ، فلو كانت زوجة ، وأما ، وبنتا ، وأخا ، وجدا ، كان للزوجة الثمن ، وللأم السدس ، وللبنت النصف ، وللجد السدس ، والباقي للأخ سهم من أربعة وعشرين سهما ، فلو كانت زوجا ، وبنتا ، وأختا ، وجدا ، فللزوج الربع ، وللبنت النصف ، وسدس للجد والمقاسمة سواء ، فيقاسم به : لأن المقاسمة ما لم تنقصه عن فرضه أولى ، فيكون المال بينهم على ثلاثة ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية