الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإن قالت القافة حين رأوه مع الثاني : يشبهه كشبهه بالأول . لم يلحق بهما ولا بواحد منهما : لعدم البيان في القافة ، ووجب أن يوقف أمره حتى يبلغ الولد إلى زمان الانتساب فينسب إلى أحدهما ، وفي زمان انتسابه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : البلوغ : لأنه لا حكم لقوله قبله .

                                                                                                                                            والقول الثاني : إلى أن يميز باستكماله السبع أو الثمان ، وهي الحال التي يخير فيها بين أبويه عند تنازعهما في الحضانة ، فإن قيل : فهلا إذا عدم البيان في القافة أقر على بنوة الأول بما تقدم إلحاقه به إذا لم يقابل بما يوجب لحوقه بغيره ، كالمالك إذا نوزع صاحب اليد فيه ، ثم تعارضت البينتان فأسقطنا حكم تملكه لصاحب اليد ، قيل : الفرق بينهما من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن اليد تدل على الملك ، فجاز عند تعارض البينتين أن يحكم بها ، ولا تدل على النسب ، فلم يجز أن يحكم بها ، وإنما حكمنا بما سبق من الدعوى دون اليد ، وهذا فرق أبي علي بن أبي هريرة وفيه دخل : لأنه يمكن أن يقال : فهلا إذا كانت الدعوى في النسب كاليد في الملك وجب أن يحكم بها عند سقوط الحجج بالتعارض كاليد ؟ والفرق الثاني أن الأموال ليس لها بعد تعارض البينات بيان ينتظر فجاز أن يحكم باليد بالضرورة عند فوات البيان ، وليس كذلك حال النسب : لأن انتساب الولد عند بلوغه حال منتظرة يقع البيان بها فلم يحكم بما تقدم من الدعوى لعدم الضرورة ، وهذا فرق أبي الحسين بن القطان ، ويدخل عليه فوت البيان بموت الولد .

                                                                                                                                            [ ص: 54 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية