الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 445 ] مسألة : قال الشافعي : " ثم يعطي المقاتلة في كل عام عطاءهم والذرية والنساء ما يكفيهم لسنتهم في كسوتهم ونفقاتهم طعاما أو قيمته دراهم أو دنانير يعطي المنفوس شيئا ثم يزاد كلما كبر على قدر مؤنته ، وهذا يستوي لأنهم يعطون الكفاية ، ويختلف في مبلغ العطاء باختلاف أسعار البلدان وحالات الناس فيها ؛ فإن المؤنة في بعض البلدان أثقل منها في بعض ، ولا أعلم أصحابنا اختلفوا في أن العطاء للمقاتلة حيث كانت إنما يكون من الفيء ، وقالوا لا بأس أن يعطى الرجل لنفسه أكثر من كفايته ؛ وذلك أن عمر - رضي الله عنه - بلغ في العطاء خمسة آلاف وهي أكثر من كفاية الرجل بنفسه ، ومنهم من قال خمسة آلاف بالمدينة ويغزو إذا غزا وليست بأكثر من الكفاية إذا غزا عليها لبعد المغزى ( قال الشافعي ) وهذا كالكفاية على أنه يغزو وإن لم يغز في كل سنة " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، وإذا قد مضى ما يتعذر به العطاء فهذا الفصل يشتمل على فصلين :

                                                                                                                                            أحدهما : وقت العطاء وزمانه .

                                                                                                                                            والثاني : جنسه ونوعه .

                                                                                                                                            وهذان الفصلان يختلفان باختلاف قوليه في مال الفيء .

                                                                                                                                            فإن قيل : إنه ملك للجيش خاصة ؛ فوقت العطاء هو الوقت الذي يتكامل فيه حصول المال ، سواء تعجل أو تأجل ، وليس للإمام أن يؤخره عنهم إذا حصل ولا لهم مطالبته به إن تأخر إلا أن يؤخر جبايته بعد استحقاقه ؛ فلهم أن يطالبوه باجتبائه واستخلاصه ، ثم الجنس الحاصل من المال هو الذي يستحق دفعه إليهم ، سواء كان ورقا أو ذهبا أو حنطة أو شعيرا ، إلا أن يكون في جملة عروض فتباع وتضم أثمانها إلى المال . ثم مذهب الشافعي أنه يجمع الفيء في جميع الأقاليم فيقسم في جميع أهل الفيء حتى يتساوى جميع أهل الفيء في كل مال الفيء ، وعلى مذهب أبي إسحاق المروزي أنه يقسم مال كل إقليم في أهله .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية