الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وتجوز الوصية لما في البطن وبما في البطن إذا كان يخرج لأقل من ستة أشهر ، فإن خرجوا عددا ذكرانا وإناثا فالوصية بينهم سواء ، وهم لمن أوصي بهم له " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذه المسألة مشتملة على فصلين :

                                                                                                                                            أحدهما : الوصية بالحمل .

                                                                                                                                            والثاني : الوصية للحمل .

                                                                                                                                            فأما الوصية للحمل فجائزة ؛ لأنه لما ملك بالإرث وهو أضيق ، ملك بالوصية التي هي أوسع .

                                                                                                                                            ولو أقر للحمل إقرارا مطلقا بطل في أحد القولين .

                                                                                                                                            والفرق بينهما : أن الوصية أحمل للجهالة له من الإقرار .

                                                                                                                                            ألا ترى أنه لو أوصى لمن في هذه الدار صح ، ولو أقر له لم يصح .

                                                                                                                                            فإذا قال : قد أوصيت لحمل هذه المرأة بألف ، نظر حالها إذا ولدت ، فإن وضعته لأقل من ستة أشهر من حين تكلم بالوصية لا من حين الموت صحت له الوصية ؛ لعلمنا أن الحمل كان موجودا وقت الوصية .

                                                                                                                                            وإن وضعته لأكثر من أربع سنين من حين الوصية فالوصية باطلة لحدوثه بعدها ، وأنه لم يكن موجودا وقت تكلمه بها .

                                                                                                                                            وإن وضعته لأكثر من ستة أشهر من وقت الوصية ولأقل من أربع سنين ، فإن كانت [ ص: 216 ] ذات زوج أو سيد يمكن أن يطأها فيحدث ذلك منه ، فالوصية باطلة لإمكان حدوثه فلم يستحق بالشك .

                                                                                                                                            وإن كانت غير ذات زوج أو سيد يطأ ، فالوصية صحيحة ؛ لأن الظاهر تقدمه والحمل يجري عليه حكم الظاهر في اللحوق ، فكذلك في الوصية .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية