الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت توريث ذي القرابتين من المجوس ، أو من وطء الشبهة بأقواهما ، نظرت ، فإن كانت إحداهما تسقط الأخرى فالمسقطة هي الأقوى والتوريث بها أحق ، وإن كانت إحداهما لا تسقط الأخرى فالتوارث يكون بأقواهما واجتماع القرابتين التي يستحق التوارث بكل واحدة منها في مناكح المجوس يكون في ست مسائل :

                                                                                                                                            أحدهما : أب هو أخ ، وهذا لا يكون إلا أخا لأم ، فهذا يرث لكونه أبا : لأن الأخ يسقط مع الأب .

                                                                                                                                            والمسألة الثانية : ابن هو ابن ابن ، فهذا يرث بأنه ابن .

                                                                                                                                            والثالثة : بنت هي بنت ابن فهذه ترث بأنها بنت .

                                                                                                                                            والرابعة : أم هي أخت ، وهذه لا تكون إلا أختا لأب فترث بأنها أم : لأن ميراث الأم أقوى من ميراث الأخت : لأنها ترث مع الأب والابن ، والأخت تسقط معهما .

                                                                                                                                            والمسألة الخامسة : بنت هي أخت ، فإن كان الميت رجلا فهي أخت لأب ، أو إن كان امرأة فهي أخت لأب . . . فترث بأنها بنت .

                                                                                                                                            والمسألة السادسة : جدة هي أخت ، فإن كانت الجدة أم الأم ، فإن الأخت لا تكون إلا الأم ولا يخلو حال من وجد من ورثة الميت في هذه المسألة أن يورث معهم بكل واحدة من هاتين القرابتين أم لا ، فإن كانوا ممن يرث معهم الأخت والجدة فقد اختلف أصحابنا هل ترث هذه بأنها جدة أم بأنها أخت على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : ترث بأنها جدة : لأن الجدة ترث مع الأب والابن ، والأخت تسقط مع الأب والابن .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أما ترث بأنها أخت : لأن ميراث الجدة طعمة وميراث الأخت نص ، ولأن فرض الجدة لا يزيد بزيادة الجدات وفرض الأخت يزيد بزيادة الأخوات ، ولأن الأخوات يرثن بالفرض تارة ، وبالتعصيب أخرى ، والجدات لا يرثن إلا بالفرض فلهذه المعاني الثلاث صارت الأخت أقوى من الجدة .

                                                                                                                                            فأما إن كان الورثة ممن يورث معهم بإحدى هاتين القرابتين فهذا ينظر ، فإن كان التوارث معهم يكون بالتي جعلناها أقوى القرابتين ، مثل أن يغلب توريثها بأنها جدة وهم ممن ترث معهم الجدة دون الأخت ، أو يغلب توريثها بأنها أخت وهم ممن ترث معهم الأخت دون الجدة فهذه ترث معهم بالقرابة التي غلبناها وجعلناها أقوى ، وإن كان التوارث معهم بالقرابة [ ص: 167 ] التي جعلناها أضعف ، مثل أن يغلب توريثها بأنها جدة وهم ممن ترث معهم الأخت دون الجدة كالأم والبنت ، أو يغلب توريثها بأنها أخت وهم ممن ترث معهم الجدة دون الأخت كالأب والابن ، ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنها تورث معهم بالقرابة التي لا تسقط معهم : لأن القرابة الأخرى إن لم تزدها خيرا لم تزدها شرا ، ولا يراعى حكم الأقوى في هذا الموضع كالمشاركة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه يسقط توريثها بأضعفهما إذا لم ترث بالأقوى : لأن أقواهما قد أسقط حكم أضعفهما حتى كان الإدلاء بالأضعف معدوما ، والله أعلم بالصواب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية