الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " أعطوه طبلا من طبولي وله طبلان للحرب واللهو أعطاه أيهما شاء ، فإن لم يصلح الذي للهو إلا الضرب لم يكن لهم أن يعطوه إلا الذي للحرب " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وأصل هذه المسائل أن الوصية بما لا منفعة فيه باطلة .

                                                                                                                                            والوصية بما فيه منفعة على ثلاثة أضرب : منفعة مباحة ، ومنفعة محظورة ، ومنفعة مشتركة بين الحظر والإباحة .

                                                                                                                                            فإن كانت المنفعة مباحة ، جاز بيع ذلك ، والوصية به .

                                                                                                                                            وإن كانت المنفعة محظورة ، لم يجز بيعه ، ولا الوصية به .

                                                                                                                                            وإن كانت مشتركة ، جاز بيعه والوصية به لأجل الإباحة .

                                                                                                                                            ونهي عن استعماله في الحظر .

                                                                                                                                            فإذا ثبت هذا وأوصى له بطبل من طبوله ، فإن لم يكن له إلا طبول الحرب ، فالوصية به جائزة ؛ لأن طبل الحرب مباح ، ثم ينظر ، فإن كان اسم الطبل ينطلق عليه بغير جلد ، دفع إليه الطبل بغير الجلد ، وإن كان لا ينطلق عليه الاسم إلا بالجلد دفع إليه مع جلده .

                                                                                                                                            وإن كانت طبوله كلها طبول اللهو ، فإن كانت لا تصلح إلا للهو فالوصية باطلة ؛ لأن طبول اللهو محظورة ، وإن كانت تصلح لغير اللهو في غير المنافع المباحة جازت الوصية بها .

                                                                                                                                            وإن كانت طبوله نوعين : طبول حرب ، وطبول اللهو ، فإن كانت طبول اللهو لا تصلح لغير اللهو ، لم يعط إلا طبل الحرب ، [ ص: 239 ] وإن كانت طبول اللهو تصلح لغيره من المباحات ، كان الوارث بالخيار في إعطائه ما شاء من طبل لهو أو حرب ، لانطلاق الاسم عليها ، إلا أن يدل كلامه على أحدهما ، فيحمل عليه كقوله أعطوه طبلا للجهاد أو الإرهاب ، فلا يعطى إلا طبل الحرب .

                                                                                                                                            وإن قال طبلا للفرح والسرور ، لم يعط إلا طبل اللهو .

                                                                                                                                            فأما الوصية بالدف العربي فجائزة لورود الشرع بإباحة الضرب به في المناكح ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية