الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وقال أبو إسحاق المروزي : هي مصورة في رجل قبل وديعة طوعا ، ثم تغلب عليه متغلب فأكرهه على أخذها منه ، فهذا على ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يأخذها المتغلب بنفسه من غير أن يدفعها المستودع ولا دلالة عليها ، فهذا غير ضامن لها ؛ لأنه لا يقدر على دفع الأيدي الغالبة .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن يدفعها بنفسه مكرها ففي ضمانه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما وهو قول أبي سعيد الإصطخري : لا ضمان عليه ؛ لأنه لا يلزمه أن يقي مال غيره بنفسه ، كما لو صال عليه فحل فغلبه .

                                                                                                                                            والوجه الثاني وهو قول أبي إسحاق المروزي : أنه ضامن لها ؛ لأنه ليس له أن يقي نفسه بمال غيره ، كما لو ألقى في البحر مال غيره ، وقد جعل هذان الوجهان بناء على الوجهين في الصائم إذا أكره على الفطر فأكل بنفسه ، وتخريجا من القولين في المكره على القتل فعلى هذين الوجهين ، لو امتنع من دفعهما وحلف إنكارا لها ، فإن جعلناه ضامنا للدفع كانت يمينه يمين مكره لا يتعلق بها حنث ، وإن لم نجعله ضامنا بالدفع حنث .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أنه لا يدفعها بنفسه ، ولكن يدل عليها فتؤخذ بدلالته ، فمذهب الشافعي لا ضمان عليه ؛ لأن الدلالة سبب والأخذ مباشرة ، فصار كالمحرم إذا دل على صيد لم يضمنه ، وقال بعض أصحابنا البصريين : يضمن ؛ لأنه في الوديعة ممنوع من العدوان والتفريط والدلالة واحد منهما فضمن بها وإن كان معذورا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية