الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا ينفذ حكمه ) ، ولا سماعه لشهادة ( لنفسه ) ؛ لأنه متهم وإنما جاز له تعزير من أساء أدبه عليه في حكمه كحكمت علي بالجور ؛ لئلا يستخف ، ويستهان به ؛ فلا يسمع حكمه . وله أيضا أن يحكم لمحجوره ، وإن كان وصيا عليه قبل القضاء كما في أصل الروضة ، وإن نازع فيه ابن الرفعة وغيره ، وإن تضمن حكمه استيلاءه على المال المحكوم به وتصرفه فيه ، وكذا بإثبات وقف شرط نظره لقاض هو بصفته ، وإن تضمن حكمه وضع يده عليه وبإثبات مال لبيت المال ، وإن كان يرزق منه . وإفتاء العلم البلقيني بأنه لا يصح من القاضي الحكم بما آجره هو ، أو مأذونه من وقف هو ناظره يحمل على ما فصله الأذرعي حيث قال : الظاهر منعه لمدرسة هو مدرسها ووقف نظره له قبل الولاية ؛ لأنه هو الخصم [ ص: 139 ] إلا أن يكون متبرعا فكالوصي وهذا أولى من رد بعضهم لكلام العلم بأن القاضي أولى من الوصي ؛ لأن ولايته على الوقف بجهة القضاء تزول بانعزاله ، ولا كذلك الوصي إذا تولى القضاء فالتهمة في حقه أقوى ، ومن ثم لو شهد القاضي بمال للوقف قبل ولايته عليه قبل ، أو الوصي بمال لموليه قبل الوصية له لم يقبل ( ورقيقه ) لذلك ، نعم له الحكم بجناية عليه قبل رقه بأن جنى ملتزم على ذمي ، ثم حارب وأرق ، ويوقف ما ثبت له حينئذ إلى عتقه ، فإن مات قنا صار فيئا ذكره البلقيني قال : وكذا لمن ورث موصى بمنفعته الحكم بكسبه أي : لأنه ليس له ( وشريكه ) ، أو شريك مكاتبه ( في المشترك ) لذلك أيضا ، نعم لو حكم له بشاهد ويمينه جاز ؛ لأن المنصوص أنه لا يشاركه ذكره أيضا . ويؤخذ من علته أنه يشترط أن يعلم أنه لا يشاركه ، وإلا فالتهمة موجودة باعتبار ظنه وهي كافية ( وكذا أصله وفرعه ) ولو لأحدهم على الآخر ( على الصحيح ) ؛ لأنهم أبعاضه فكانوا كنفسه ، ومن ثم امتنع قضاؤه لهم بعلمه قطعا .

                                                                                                                              أما الحكم عليهم كقنه وشريكه بل ونفسه فيجوز عكس العدو . وحكمه على نفسه حكم لا إقرار على الأوجه وله على المعتمد تنفيذ حكم بعضه ، والشهادة على شهادته ؛ إذ لا تهمة ( ويحكم له ) أي القاضي ( ولهؤلاء الإمام أو قاض آخر ) مستقل ؛ إذ لا تهمة ( ، وكذا نائبه على الصحيح ) كبقية الحكام .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وإن كان وصيا عليه قبل القضاء كما في أصل الروضة ) ؛ لأن القاضي يلي أمر الأيتام كلهم ، وإن لم تكن وصية فلا تهمة ش روض . ( قوله : لقاض هو بصفته ) يخرج ما لو شرط النظر له بخصوصه ويناسبه [ ص: 139 ] قول الأذرعي الآتي : ووقف نظره له قبل الولاية . ( قوله : إلا أن يكون متبرعا فكالوصي ) قد يخرج ما لو لم يكن الوصي متبرعا . ( قوله : لا إقرار على الأوجه ) كتب عليه م ر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : لأنه متهم ) ولأنه من خصائصه صلى الله عليه وسلم . ا هـ . مغني . ( قوله : كحكمت ) بفتح التاء ( قوله : أن يحكم لمحجوره إلخ ) وفي معناه حكمه على من في جهته مال لوقف تحت نظره بطريق الحكم . ا هـ . مغني . ( قوله : وإن نازع فيه إلخ ) أي : في هذه الغاية وستأتي الإشارة للفرق بين هذا وبين وقف هو ناظره قبل الولاية بأن هذا متبرع بخلاف ذاك ومن ثم لو كان متبرعا أيضا صح منه كما يأتي . ا هـ . رشيدي . ( قوله : وكذا بإثبات وقف إلخ ) عبارة المغني الثانية أي : من المستثنيات الأوقاف التي شرط النظر فيها للحاكم بطريق العموم ، أو صار فيها النظر إليه لانقراض ناظرها الخاص له الحكم بصحتها وموجبها وأن تضمن إلخ . ( قوله : لقاض هو بصفته ) يخرج ما لو شرط النظر له بخصوصه ، ويناسبه قول الأذرعي الآتي ونظره له قبل الولاية . ا هـ . سم . ( قوله : بإثبات مال إلخ ) وكذا للإمام الحكم بانتقال ملك إلى بيت المال ، وإن كان فيه استيلاؤه عليه بجهة الإمامة . ا هـ . مغني .

                                                                                                                              ( قوله : وإفتاء البلقيني إلخ ) معتمد . ا هـ . ع ش . ( قوله : يحمل على ما إلخ ) عبارة النهاية يتجه حمله على إلخ . ( قوله : على ما فصله الأذرعي ) عبارة الأذرعي هل يحكم لجهة وقف كان ناظرها الخاص قبل الولاية ولمدرسة هو مدرسها ، وما أشبه ذلك ، والظاهر تفقها لا نقلا المنع ؛ إذ هو الخصم وحاكم لنفسه وشريكه ، فإن كان متبرعا بالنظر فكولي اليتيم انتهت فقوله : إذ هو الخصم تعليل [ ص: 139 ] لمسألة النظر وقوله : وحاكم لنفسه وشريكه تعليل لمسألة التدريس . ا هـ . رشيدي . ( قوله : إلا أن يكون متبرعا فكالوصي ) قد يخرج ما لو لم يكن الوصي متبرعا . ا هـ . سم ( قوله : فكالوصي ) أي : فينفذ حكمه ، وإن كان مدرسا ، أو ناظرا قبل القضاء . ا هـ . رشيدي ( قوله : وهذا أولى من رد بعضهم لكلام العلم إلخ ) اعلم أن هذا الرد يشير لتفصيل الأذرعي لا مخالف له خلافا لما يوهمه كلامه ؛ لأنه إنما رد إفتاء العلم فيما إذا ثبت النظر للقاضي بوصف القضاء بدليل قوله : لأن ولايته على الوقف بجهة القضاء تزول بانعزاله فهذا الرد موافق للعلم على المنع فيما القاضي ناظر عليه قبل الولاية . ا هـ . رشيدي . ( قوله : فالتهمة في حقه ) أي : الوصي أقوى أي : ومع ذلك صححنا حكمه فالقاضي المذكور أولى . ا هـ . رشيدي . ( قوله : بمال للوقف ) أي : الذي نظره له وقوله : قبل ولايته متعلق بمتعلق للوقف وقوله : قبل الوصية متعلق بمتعلق لموليه . ( قول المتن : ورقيقه ) بالجر أي : ولا يحكم له في تعزير ، أو قصاص ، أو مال ورقيق أصله وفرعه كأصله وفرعه وهما ورقيق أحدهما في المشترك كذلك مغني وروض ( قوله : لذلك ) إلى قول المتن : وإذا أقر في المغني إلا قوله : ويؤخذ إلى المتن . ( قوله : لذلك ) أي : للتهمة . ( قوله : ثم حارب ) أي : الذمي . ا هـ . ع ش ( قوله : وأرق ) ببناء المفعول ( قوله : لمن ورث إلخ ) أي : لقاض ورث عبدا موصى بمنفعته لآخر أن يحكم بالكسب له فموصى بمنفعته الذي هو وصف لموصوف محذوف كما تقرر معمول لورث . ا هـ . رشيدي عبارة المغني ثانيها أي : الصور التي استثناها البلقيني العبد الموصى بإعتاقه الخارج من الثلث إذا قلنا : إن كسبه له دون الوارث وكان الوارث حاكما فله الحكم بطريقه ثالثها العبد المنذور إعتاقه . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لأنه ليس له ) أي : لأن كسبه الحاصل قبل عتقه ليس للوارث الحاكم بل للموصى له بالمنفعة . ( قوله : أنه لا يشاركه ) أي : إن القاضي لا يشارك شريكه في هذه الصورة . ا هـ . مغني . ( قوله : ولو لأحدهم ) إلى قوله : وإن وجد في النهاية إلا قوله : وأخذ إلى وإذا عدلت . ( قوله : ولو لأحدهم إلخ ) عبارة المغني ولو حكم لولده على ولده ، أو لأصله على فرعه ، أو عكسه لم يصح . ا هـ . مغني ، ومعلوم أن حكمه لبعض أصوله على آخر كذلك وقد يدعى شمول كلام الشارح لهذا . ( قوله : أما الحكم عليهم ) أي : أصوله وفروعه ولو رجع الضمير لجميع من تقدم لاستغنى عن قوله : كقنه وشريكه بل ونفسه . ( قوله : والشهادة إلخ ) وفي جواز حكمه بشهادة ابن له لم يعدله شاهدان وجهان أحدهما نعم ، والثاني لا قال ابن الرفعة : وهو الأرجح في البحر وغيره ؛ لأنه يتضمن تعديله ، فإن عدله شاهدان حكم بشهادته وكابنه في ذلك سائر أبعاضه أسنى ومغني . ( قول المتن : ولهؤلاء ) أي : المذكورين مع القاضي حيث لكل منهم خصومة . ا هـ . مغني ( قول المتن : أو قاض آخر ) سواء أكان معه في بلده أم في بلدة أخرى . ا هـ . مغني .




                                                                                                                              الخدمات العلمية