الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإن أقر به ) أي : المذكور ( لمعين حاضر ) بالبلد ( تمكن مخاصمته وتحليفه ) [ ص: 308 ] جمع بينهما إيضاحا وإلا فأحدهما مغن عن الآخر لاستلزامه له ثم التقييد لإفادة أنه إذا أقر به لمن لا تمكن مخاصمته وهو المحجور لا تنصرف الخصومة عنه بل تنصرف عنه لوليه وإنما هو ليترتب عليه قوله ( سئل فإن صدقه صارت الخصومة معه ) لصيرورة اليد له ( وإن كذبه ترك في يد المقر ) لما مر في الإقرار أي : وحينئذ لا تنصرف الخصومة عنه كما هو ظاهر عملا بالظاهر نظير ما مر ( وقيل يسلم إلى المدعي ) إذ لا طالب له سواه وزيفه الإمام بأن القضاء له بمجرد الدعوى محال ( وقيل يحفظه الحاكم لظهور مالك ) له كما مر في الإقرار وفي الأنوار عن فتاوى القفال لو ادعى دارا في يد آخر وأقام شاهدا ثم ثانيا فقال المدعى عليه قبل شهادته هي لزوجتي سمعه القاضي وحكم بها للمدعي ثم تدعي الزوجة عليه قيل وهو مشكل ؛ لأن المدعى عليه معترف بأنها لغيره فكيف تتوجه الدعوى عليه ا هـ ويرد بأنه مقصر بسكوته عن ذلك حتى سمعت الدعوى وشهادة الأول فلم يقبل منه الصرف للغير وبهذا يرد قول المستشكل فكيف تتوجه الدعوى عليه ؟ وبيانه أنها توجهت وسمعت هي ثم شهادة الأول فقبول الثاني والحكم تتميم لا ابتداء دعوى عليه . وفي فتاوى البغوي إن أقامها فأقر ذو اليد بالعين لآخر قبل الحكم للمدعي حكم بها من غير إعادتها في وجه المقر له إن علم أن المقر متعنت في إقراره وإلا أعادها في وجهه قال الأذرعي : والظاهر أنه لا بد من إعادة الدعوى في وجهه أيضا

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ترك في يد المقر لما مر في الإقرار ) يؤخذ منه أنه ترك في يده ملكا . ( قوله : ثم تدعي الزوجة عليه ) في الروض فرع : لو ادعى على غيره وقف دار بيده عليه وأقر بها ذو اليد لفلان وصدقه المقر له لم يكن له تحليف المقر ليغرمه أي : قيمتها ؛ لأن الوقف لا يعتاض عنه وفيه نظر قال في شرحه : لأن الوقف يضمن بالقيمة عند الإتلاف ، والحيلولة في الحال كالإتلاف أما إذا كذبه المقر له فيترك في يد المقر كما مر نظيره ولو أقام المقر له فيما مر بينة على الملك لم يكن للمدعي تحليف المقر ليغرمه ؛ لأن الملك استقر بالبينة وخرج الإقرار عن أن تكون الحيلولة به صرح به الأصل ا هـ . وقوله : ولو أقام المقر له فيما مر كأنه إشارة إلى قوله قبل الفرع المذكور وله أي : للمدعي تحليفه أي : المدعى عليه حيث انصرفت الخصومة عنه أي : بأن أقر بالمدعى به لغائب أنه لا يلزمه تسليمها إليه أو أن ما أقر به ملك للمقر له رجاء أن يقر له به أو ينكل فيحلف ويغرمه القيمة بناء على أن من أقر بشيء لشخص بعدما أقر به لغيره يغرم القيمة للثاني ا هـ . وبهذا يظهر إشكال قوله السابق من فتاوى القفال ثم تدعي الزوجة عليه إن أريد الزوج على المقر للتحليف فليتأمل . ( قوله : لا ابتداء دعوى ) هذا يدل على أن مراد المستشكل بالدعوى في قوله فكيف تتوجه الدعوى عليه الدعوى من المدعي لا من الزوجة . ( قوله أيضا لا ابتداء دعوى إلخ ) قد يقتضي هذا أن الحكم كذلك إذا أقر قبل شهادة الأول أيضا وأنه ليس كذلك إذا أقر قبل الدعوى . ( قوله : وفي فتاوى البغوي إلخ ) انظر مخالفته لما تقدم عن فتاوى القفال [ ص: 309 ] إلا أن يحمل ذاك على الشق الأول مما هنا .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله أي المذكور ) بالجر تفسير للضمير المجرور وغرضه من هذا تأويل تذكير [ ص: 308 ] ضمير العين ، وهي مؤنثة رشيدي .

                                                                                                                              ( قوله جمع بينهما ) أي بين إمكان مخاصمته وإمكان تحليفه مغني . ( قوله ثم التقييد ) إلى المتن في المغني ( قوله لمن لا يمكن إلخ ) أي ووليه غيره ( قوله وهو المحجور ) انظر ما وجه هذا الحصر مع أن الوقف الذي ناظره غيره كذلك كما مر . رشيدي ( قول المتن ترك في يد المقر لما مر إلخ ) يؤخذ منه أنه يترك في يده ملكا سم . ( قوله أي وحينئذ لا تنصرف الخصومة عنه ) أي فيقيم المدعي البينة عليه أو يحلفه أنوار . ( قوله كما مر في الإقرار ) أي وأعاد المصنف المسألة هنا ليفيد التصريح بمقابل الأصح ، وهو وقيل إلخ مغني . ( قوله قبل شهادته ) أي الثاني ( قوله ثم تدعي الزوجة عليه إلخ ) انظر إلى الحاشية الآتية عند قول الشارح أما بالنسبة لتحليفه فلا إلخ سم .

                                                                                                                              ( قوله عن ذلك ) أي الاعتراف ( قوله وبهذا يرد قول المستشكل فكيف تتوجه الدعوى عليه ؟ ) يغني عنه ما قبله ( قوله وبيانه ) أي الرد ( قوله لا ابتداء دعوى عليه ) هذا يدل على أن يقتضي هذا البيان أن الحكم كذلك إذا أقر قبل شهادة الأول أيضا ، وأنه ليس كذلك إذا أقر قبل الدعوى سم . ( قوله وفي فتاوى البغوي إلخ ) انظر مخالفته لما تقدم عن فتاوى القفال إلا أن يحمل ذاك على الشق الأول مما هنا سم . أقول : بل الأولى حمل ذاك على نفوذ الحكم بالنسبة للأخذ من ذي اليد ، لا بالنسبة للمقر له أيضا أخذا مما يأتي عن المغني والروض مع شرحه .




                                                                                                                              الخدمات العلمية